للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنّ وأكد عليهم العهودَ والمواثيقَ أنهم لا يدخلون بيوتَ أمَّته ولا يظهرون، فإن ظهروا قُتلوا، فإذا ظهروا فقد نقضوا العهدَ فيجب قتلهم. ولكن الأولى هو الإنذار عملًا بالروايات كلها، فإن لم يرجع قتله.

وروى عروة أن عائشة قتلت حيّةً فأُتيتْ في منامها فقيل لها: أقتلتِ مسلمًا؟ فقالت: لو كان مسلمًا لما دخل بيوتَ أزواج رسول الله ، فقيل لها: هل كان يدخلُ عليكِ إلّا وعليكِ ثيابك؟ فأصبحتْ فزعة، فتصدقت باثني عشر ألفًا (١).

وروى مجاهد عن ابن عباس: أن الكلابَ من ضعفاء الجن، وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي ذر قال: قال رسول الله : "الكلب الأسود شيطان"، انفرد بإخراجه مسلم (٢)، وفيه: الكلب الأسود البهيم.

وبهذا الحديث يحتجُّ أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه: أنّ الكلبَ الأسود البهيم يقطعُ الصلاة، وهو قول أهل الظاهر.

وروي عن أحمد أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الكلب البهيم يقطعُ الصلاة، ويروى عن معاذ وطاووس ومجاهد، قال أحمد: وفي نفسي من المرأة والحمار شيء.

وعند أهل الظاهر يقطع الصلاةَ مرورُ الكل.

قلت: ومذهب أصحابنا ومالك والشافعي وعامة الفقهاء أنه لا يقطع الصلاةَ مرورُ شيء من ذلك، لقوله : "لا يقطعُ الصلاةَ مرورُ شيء" (٣)، وحديث أبي ذرّ لا حجَّة فيه وقد بيَّنا هذا في "شرح البداية".

وقال الحسن البصري: الجن ثلاثة أصناف: صنف في البرّ، وصنف في البحر، وصنف في الهواء.

وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: هم أربعون جيلًا، كلُّ جيل ست مئة ألف، وهم مأمورون ومنهيون.


(١) أورده ابن عبد البر في "الاستذكار" ٨/ ٥٢٦، وأبو الشيخ في العظمة (١٠٦٦).
(٢) أحمد "مسنده" (٢١٣٢٣)، ومسلم (٥١٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٧١٩) من حديث أبي سعيد .