للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنِ أبلَغُ من عَمَلهِ، ونيةُ الكافرِ شرٌّ من عمَلهِ".

وقيل معناه: أنّ عملهُ بنية خير من عمله بلا نية.

قوله : "الشتاءُ رَبيعُ المؤمن: قَصُرَ نهارُه فصَامَه، وطالَ ليلُه فقامَه" (١).

وقال الخطابي: إنَّما خص الربيع لأنه أحد الفصول، ويكثر فيه الخصب، ويعتدل الزمان، ويرق الهواء، ويصفو الماء، ولهذا سمت العربُ الرجل الجواد: ربيع اليتامى، لقيامه مقام الخصب في أيام الربيع.

قوله "الناسُ كأَسنانِ المُشطِ".

حدَّثنا جدي بإسناده، عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله : "الناسُ سَواءٌ كأسنانِ المُشطِ، وإنَّما يتفاضَلُون بالعافيةِ، والمرءُ كثيرٌ بأَخيهِ يرفدُه ويكسُوه ويحمِلُه، ولا خيرَ في محبةِ مَن لا يَرى لكَ مثل ما تَرَى له" (٢).

وقد تكلم عليه أبو عبيد فقال: معنى كأسنان المشط: أنَّهم مستوون في الأحكام، لا فضل لأحد على أحد إلا بالعلم والتقوى، ومعنى يتفاضلون بالعافية، أي: من الذنوب، وما زالَ السلفُ ينهونَ عن التكثير من الإخوان حتى قال الفضيل: أنكر من تعرف، ولا تتعرَّف إلى من لا تعرف.

وقال علي : [من الطويل]

جَزَى الله عنا الخيرَ مَن ليس بيننا … ولا بينه ودٌّ ولا مُتعارفُ

فما ساءني إلَّا الذين عَرفتهم … ولا سرَّني إلَّا الذي لستُ أعرفُ

وقال ابن الرومي: [من الوافر]

عدوُّك من صديقِك مُستفادٌ … فلا تَسْتَكثرنَّ من الصحابِ

فإنَّ الداءَ أكثرُ ما تراه … يكونُ من الطعامِ أو الشرابِ

قوله : "البلاءُ موكَّلٌ بالمنطقِ" (٣) ليس هذا من كلام رسول الله وإنما هو من


(١) أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في "السنن" ٤/ ٢٩٧، وأحمد في "مسنده" (١١٧١٦) مختصرًا من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) "الموضوعات" ٢/ ٢٧٣، وابن حبان في "المجروحين" ١/ ١٩٨، وابن عدي في "الكامل" ٣/ ٢٤٨.
(٣) أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (٢٢٧) من حديث حذيفة مرفوعًا.