وفيتُ يمينًا للرَّسول وعهدِه … ولم أَرتَقبْ فيها ابنَ عمًّ ولا ابْنَما (١)
وقال ابن إسحاق: وكان من حديث عديّ أنه لما أسلم أَمّره رسول الله ﷺ على صدقات قومه، وذكر بمعنى ما ذكرنا، قال واجتمع إليه قومُه، وقد اجتمعت عنده إبلُ عطية، فقالوا له: هذا الرجل قد مات، وقد ارتدّ جيرانُنا من بني أسد وغيرهم، وقد انتَقض الناسُ بعده، وقَبض كلُّ قومٍ صدقاتهم، فنحن أحقُّ بأموالنا من غيرنا، فقال: ألم تُعطوا من نفوسكم العهودَ والمواثيقَ على الوفاء طائعين غير مكرهين؟ قالوا: بلى، ولكن قد حدث ما ترى، وما قد صنع الناس، فقال: كلا والذي نَفْسُ عديًّ بيده، لا أحبس بها أحدًا، ولو كنتُ جعلتُها لرجل من الزَّنج لوفيتُ له بها، ولئن أَبيتُم لأُقاتلَنّكم، يعني على ما في يده وما في أيديكم، فأكون أوّلَ قتيل يُقتل على وفاء ذِمَّتي، فلا تطمعوا أن يُسبَّ حاتم في قبره بجريرة عديًّ ابنِه، وذكر كلامًا طويلًا، فلما رأوا الجدَّ منه كَفُّوا عنه، ثم قَدم بها على أبي بكر رضوان الله عليه، وقال عدي:[من الطويل]
وَفيتُ بعهدي أن أُسبَّ به غدًا … وطهَّرَ أثوابي الوفاءُ على خُبْرِ
ولما رَأَوا قومي دمي دون ذِمَّتي … تَفرَّقَ بالقوم السَّبيلُ إلى الغَدْرِ
فأدَّيتُها بعد النبيِّ بعهده … إلى مَن تولّى بعده عُقدةَ الأمرِ
فوافت أبا بكر معًا بفِصالها … فسَرَّت أبا حفصٍ وسَرَّت أبا بكرِ
وذَبَّيتُ عنها أن تُضام حَميَّتي … وقلت كصدر السيف يهتزُّ في صدري
فشرَّفْتُ في الإسلام بيت أبي الذي … بناه أبي في الجاهلية للفَخْرِ
قال الواقدي: ثم أمر أبو بكر ﵁ عدي بن حاتم أن يتقدم إلى قومه طيّئ، وقال: أدرِكْهم لا يُؤكلوا، خوفًا عليهم من جموع طُليحة، وخرج خالد في إثر عديّ، وعاد أبو بكر إلى المدينة.
وأما عديّ فإنه قَدم على قومه وقد ارتدُّوا، فقال: يا قوم، ارجعوا إلى الإسلام فأَبَوا، فقال: قد أتاكم من يَسبي حريمَكم، ويَستبيحُ دماءكم وأموالكم، فقالوا: قد