للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحق منا قومٌ بطُليحة وهو ببُزاخَة، فَنَهْنِهْ عنا الجيش لنُرسلَ إليهم فيأتونا، فإنا إن خالَفْنا طُليحة وهم في يده قتلهم، فعاد عديّ إلى خالد وهو بالسُّنْح فقال له: أمسك عنا ثلاثًا أجمع لك خمس مئة مقاتل تَضربُ بهم عدوَّك، خيرٌ من أن تُعجِلَهم إلى النار، فأقام خالد، وعاد عديٌّ إلى قومه، وقد عاد من كان ببُزاخة من طيّئ باعتبار الاستعداد لخالد، وتوجه خالد إلى الأنسُر يريد جَدِيلة، فقال له عدي: إن جَدِيلة أحدُ جناحَيْ طيّئ، فأجِّلني أيامًا لعل الله أن يأتي بجَدِيلة كما أتى بطيّئ، فأقام خالد، وأتى عديّ جَدِيلة، فلم يزل يُخوِّفُهم حتى أجابوا، فقدم عديّ على خالد منهم بألف فارس مسلمين، فكان عدي بن حاتم خيرَ مولودٍ وُلد في طيّئ وأعظمَهم بَرَكة.

وقال طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : كان أبو بكر يأمر أُمراءَه حين كان يَبعثهم في الرّدة: إذا غشيتُم دارًا فإن سمعتم بها أذانًا للصلاة فكُفُّوا حتى تسألوهم [ما الذي نقموا]، وإن لم تسمعوا أذانا فشُنّوا الغارة، وحَرّقوا، وانهكوا في القتل والجراح، لا يَرُدَّنَّكم وَهَنٌ لموت نبيكم (١).

وقال عروة بن الزبير: لما وَجَّه أبو بكر- خالد بنَ الوليد إلى أهل الردّة قال له: إني لاقيك ببقية الناس من ناحية خيبر، وما يريد أبو بكر ذلك، قد كان أَوعَب خالدًا بمن عنده، وإنما أراد بذلك المكيدة، وأن يبلغ الناس، وخرج معه إلى ذي القَصّة، فنزل بها وهي على بريد من المدينة، فعبّأ جيوشَه، وعهد ليلة عهده، وأمَّر على الأنصار ثابت بن قيس بن الشمّاس، وأمرُه راجع إلى خالد، وخالد على المهاجرين وقبائل العرب، وأمَره أن يَصمُد إلى طُليحة بن خُويلد الأَسَدي، فإذا فرغ منه صَمَد إلى بني تميم حتى يَفرغ، وأسرَّ ذلك إليه.

قال الواقدي: ثم إن أبا بكر كتب كتابًا إلى أهل الردة مع أمرائه، نُسختُه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من أبي بكر خليفة رسول الله ، سلامٌ على مَن اتّبع الهُدى، ولم يَرجع إلى الضلالة والعمى، وذكر مَبعث النبي ووفاته، ثم حَذَّرهم وأنذرهم، وقال: وقد بعثت إليكم جيوشًا من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم


(١) أخرجه الطبري ٣/ ٢٧٩ وما بين معكوفين منه.