للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة دخل المسجدَ وعليه ثيابُه عليها صَدأُ الحديد، مُعتَجِرًا بعمامةٍ قد غرز فيها ثلاثة أسهم فيها أَثَرُ الدّم، فوثب إليه عمر، فأخذ الأسهُم من رأسه فحطمها، وقال: يا عدو الله، عدوتَ على امرئ مسلمٍ فقتلته، ثم نزوتَ على امرأته، والله لنَرجُمنّك بأحجارك، وخالد لا يَرجع عليه بلا ولا نعم، وهو يظنُّ أن رأيَ أبي بكر فيه كرأي عمر، فدخل خالد على أبي بكر وعمر في المسجد، فذكر لأبي بكر عُذرَه ببعض الذي ذكر له، فتجاوز عنه، ورأى أنها الحرب وفيها ما فيها، فرضي عنه، فخرج خالد من عنده وعمر في المسجد، فقال له خالد: هَلمَّ يا ابن حَنْتَمَة (١) إليّ، يريد أن يُشاتِمَه، فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه، فقام فدخل بيته.

وقال الواقدي: لما دخل خالد المسجد قام إليه عمر وقال: يا عدو الله فعلتَ وفعلت، وقال لأبي بكر: عليك أن تَعزلَه، وتَستقيدَ منه لمالك، فإن في سيفه رَهَقًا، أي: غِشيانًا،

وكان خالد يظنُّ أن الذي قال له عمر عن أبي بكر، فأخذ يَحلف ويعتذر، وعمر يُحرّض أبا بكر عليه، ويقول له: أَقِد أولياءَ مالك منه، فقد قتله ونزا على امرأته، ودخل مسجد رسول الله ومعه أَسهمٌ فيها دَم، وحضر مُتَمِّم أخو مالك، وطلب القَوَد من خالد، فقال له أبو بكر: هيه يا عمر، ارفع لسانك عنه، فما هو بأوَّل من أخطأ، فقال: أَقِد أولياءَ مالك منه، فقد وجب عليك ذلك، فقال أبو بكر: لا أشِيم سيفًا سلّه الله على الكفار أبدًا، وودى مالكًا، وأمر خالدًا بطلاق امرأته بعد أن عَنَّفه على تزويجه إياها.

وقال أبو رياش: دخل خالد المدينة ومعه ليلى بنت سنان زوجة مالك، فقام عمر، فدخل على عليّ فقال: إن من حقِّ الله أن يُقاد من هذا لمالك، قتله وكان مُسلمًا، ونزا على امرأته مثل ما ينزو الحمار، ثم قاما فدخلا على سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله فتبايعوا على ذلك، ودخلوا على أبي بكر، وقالوا: لا بُدّ من ذلك، فقال أبو بكر: لا أَغمِدُ سيفًا سلّه الله تعالى.


(١) في (أ) و (خ): خيثمة، وفي تاريخ الطبري ٣/ ٢٨٠: يا ابن أم شملة، ولعل المثبت هو الصواب، فإن حنتمة هي أم عمر بن الخطاب ﵁.