للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال يحيى: ويحك ما الذي شوَّه خلقتك؟ فقال: كنتُ طاووس الملائكة فعصيتُ الله فمسخني في أخسِّ صورة، وهي ما ترى، قال: فما هذه الكيزان؟ فقال: شهوات بني آدم، قال: فما هذا الجرس؟ قال: صوت المعازف والنوح، قال: فما هذه الخطاطيف؟ قال: أخطف (١) بها عقولهم، قال: فأين تسكن؟ قال: في صدورهم وأجري في عروقهم (٢)، قال: فما الذي يعصمهم منك؟ قال: بغضُ الدنيا وحب الآخرة (٣).

وقال جدي بإسناده إلى عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله ، فجاءَ رجلٌ أقبحُ الناسِ وجهًا وثيابًا وأنتنهم ريحًا، حافيًا يتخطَّى رقابَ الناس، فجلس بين يدي النبي فقال: مَنْ خلقك؟ قال: "اللهُ"، قال: فمن خلق السماء والأرض؟ قال: "اللهُ"، قال: فمن خلق الله؟ فقال رسول الله : "هذا إبْليسُ جَاء يُشكككم في دينكم" (٤)، قال جدّي: هذا حديث لا أصلَ له، وفي إسناده عبد الله بن جعفر، ضعيفٌ يتهم في الأحاديث.

وروي عن أبي الحسين ابن المنادي قال: يجيء الشيطان الذي يقال له: القَرْقَفَنَّة (٥) في صورة طائر، وفي رواية: يجيء الشيطان في صورة طائر يقال له: القَرْقَفَنَّة، فيخفق بجناحيه على عينِ الرجل الذي يقرّ أهله على الفاحشة فلا يُنكرها بعد ذلك.

وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن جابرِ بن عبد الله قال: قال رسول الله : "يَضعُ إبليسُ عَرشَهُ على الماءِ، ثم يبعثُ سراياه، فأَدناهُم عنده مَنزلةً أعظَمُهم فِتنةً، يجيءُ أحدُهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعْتَ شيئًا، ويجيء أحدُهم فيقولُ: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينَه وبينَ أهلِه، فيُدْنيه منه ويلتزمُه ويقول: نعمْ، أنْتَ أنْتَ" انفرد بإخراجه مسلم (٦).

وذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن ابن مسعود: إن الشيطان إذا طاف بأهل


(١) في (ب): وأختطف.
(٢) في (ب): "عقولهم".
(٣) انظر "عمدة القاري" ١٥/ ١٦٨.
(٤) "العلل المتناهية" (١).
(٥) في (ل) و (ب): "القرقية"، والمثبت من "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ٤٦٥ ومصادر اللغة.
(٦) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٤٣٧٧)، ومسلم (٢٨١٣) (٦٧).