للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقبٌ لملكِ اليمن، كما أن النجاشي لقب لملكِ الحبشة. وقال الجوهري: العاهل: الملك الأعظمُ كالخليفة، وريحٌ عَيْهَلٌ: شديدةٌ، والعَيْهل من النُّوق: السّريعة. قال: وقال أبو حاتم: ولا يُقال جَملٌ عَيْهَل (١).

وذكر قصّتَه أربابُ السَّير كسيف بن عمر وابنِ إسحاق وهشام بنِ الكلبي والواقديّ وغيرهم على وجوه:

الوجه الأول: أن أوَّل رِدَّةٍ كانت على عهد رسولِ الله على يديْ الأسود، ويقال له: ذو الخمار؛ لأنه كان يقول: يأتيني ذو خِمارٍ، وكان كاهنًا مُشَعْبِذًا، يُري الناسَ العجائب، وكان يأتيه شيطان فيحدِّثُه بما يكون فيُخبرُ الناسَ به فافتُتنوا، وكان فصيحًا فسبى عقولَهم بمَنطقه،

وكان أوَّلُ خروجه بعد رجوع رسول الله من حجَّة الوداع، فكاتَبتْه مَذْحِج، وواعدوه نَجْران، وكانت دارُه بمكان يقال له: كهف خُبَّان، به وُلِدَ ونشأ.

ولما خرج وَثبت مَذْحِج وأهلُ صنعاء، فأخرجوا منها عمرو بن حَزْمٍ وخالد بن سعيد بن العاص، وكانا عاملين عليها للنبي ، ودخلها الأسودُ في سبع مئة فارسٍ من آل شَعوبٍ (٢)، وخرج إليه من الأَبْناء شَهْرُ بن باذان - أو باذام - فقتله الأسود ومَن معه، وخرج معاذ بن جبل هاربًا، فلقي أبا موسى وهو بمأْرِب فاقتحما حَضْرَ مَوْتَ، وغلب الأسودُ على بلاد اليمن ومخاليفها، وجعل أمرُه يَستطير استطارةَ الحريق، ودانت له السواحلُ، وعامله المسلمون بالتَّقِيَّة، وكان خليفتُه في مَذْحج عمرو بن مَعْدي كَرِب.

وأخذ الأسودُ امرأةَ شهر بن باذان، وقتل ابنتَه، واستخفَّ بالأبناء، وهرب فَرْوَةُ ابن مُسَيْك وكان على مُراد، وثب عليه قيس بن عبد يغوث فأجلاه.

وبلغ رسولَ الله الخبرُ عند مَرْجعه من حجَّة الوداع، وقال الواقدي: كتب إليه فروةُ


(١) الصحاح (عيهل). وقيل: اسمه عبهلة، بباء، انظر توضيح المشتبه ٢/ ٤٠٥ وحاشية محققه لزامًا.
(٢) كذا، وهو خطأ، صوابه ما في المنتظم ٤/ ١٩: ثم خرج الأسود في سبع مئة فارس إلى شَعوب. قلت: وشعوب كما ذكر ياقوت بساتين في ظاهر صنعاء، وانظر تاريخ الطبري ٣/ ٢٢٩.