للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن مُسَيْكٍ بذلك، فكتب إلى الأَبناء ومَن بأرض اليمن من المسلمين أن يَقتلوا الأسودَ غيلةً أو مُصادَمةٌ، وأمرهم أن يستنجدوا رجالًا سمَّاهم من حِمْيَر وهَمْدان، وأرسل إلى أولئك.

وكان الأسودُ قد أفسد وعاث، وانتهك المحارم، وتغيَّر على قيس بن عبد يغوث وعَزم على قتله، فاتفق مع الجماعة على قتله، فعملوا الحيلةَ عليه فلم يجدوا طريقًا غيرَ زوجتِه امرأة شهر بن باذان واسمها أزياد، وقالوا لها: قد قَتل زوجَك وبنتَك وفعل ما فعل، فما عندك فيه؟ فقالت: هو أبغض خَلْقِ الله إليَّ، فقالوا: نُريدُ قتلَه، فقالت: إنَّه مُحترسٌ، والحرسُ يُطيفون بقصره، إلَّا هذا البيتَ فانقُبوه، وتولّى أمرَه أخوها فيروز الدَّيلمي، وكان قد أبعده الأسود، فدخلوا عليه ليلًا فذَبحوه، فجعل يخور خُوارَ الثور، فقال الحرسُ: ما هذا؟ قالت: النبيُّ يُوحى إليه، فسكتوا وقد كان شيطانُه يأتي إليه فيوسوس له، فيغطُّ ويخور كما يخور الثورُ، ويعمل بما يقول له، فلما طلع الفجرُ اجتمع المسلمون وأَذَّنوا وقالوا: نشهدُ أن محمدًا رسولُ الله وأن عَيْهلَةَ كذّابٌ، وشَنُّوا الغارةَ على أَصحابه ومَن وافقه، فسَبَوْهم وقتلوهم ومزَّقوهم كلَّ مُمَزَّقٍ.

وتراجع عُمّالُ رسول الله إلى مواضعهم، وكتبوا إلى رسول الله بذلك، فسبقهم خبرُ السماء، وذلك قبل موت رسول الله بيومٍ أو بليلةٍ، فأخبر الناسَ بقتلِه وقال: فاز فيروز، ووصل الكتابُ بعد وفاةِ رسولِ الله، فكان بين خروجِ الأسود إلى أن قُتِل أقلُّ من ثلاثة أشهر، وقيل: أربعة أشهر (١).

والوجه الثاني: أن رسولَ الله لمّا رجع من حجَّةِ الوَداع فرَّق أمراءه في اليمن، وقسَّمه بينهم، وقيل على حضرموت، وعُكَّاشة بن ثور الغَوْثي على السَّكاسك، ومعاوية بن كندة على السَّكون (٢)، وعمرو بن حَزْم على


(١) المنتظم ٤/ ١٨ - ٢٠.
(٢) كذا، وفي العبارة سقط وخطأ، وصوابها ما في الطبري ٣/ ٢٢٨ أن النبي رجع إلى المدينة بعد ما قضى حجة الإِسلام، وقد وجه إمارة اليمن وفرقها بين رجال … واستعمل على أعمال حضرموت على السكاسك والسكون عكاشة بن ثور، وعلي بني معاوية بن كندة عبد الله أو المهاجر، وعلى حضرموت زياد بن لبيد البياضي …