للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجران، وخالد بن سعيد على ما بين نجران ورِمَع وزَبِيْد، وشَهْر بن باذان على صنعاء، وعامر بن شَهْر على هَمْدان، وأبو موسى على مَأرِب، ويَعلي بن أُميّة على الجَنَد، وكان معاذُ بنُ جبلٍ معلِّمًا يتنقّل في البلاد والقبائل، فتوفي رسولُ الله وهؤلاء عُمّالُه على اليمن.

قال سيف بن عمر: فحدَّثني سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد بن صخرٍ قال: بينما نحنُ بالجند على أمورنا المستقيمة إذ وَرَدَ علينا كتابُ الأسودِ مع رسولٍ له يقول فيه: أيُّها المتورِّدون علينا، أمسكوا علينا ما أخذتُم من أرضِنا، ووفَّروا ما جمعتُم، فنحن أولى به وأنتم على ما أنتم عليه. قال: فقُلنا للرسول: من أين جئتَ؟ فقال: من كهف خَبَّان، فبينما نحنُ ننظر في أمرنا إذ قيل: هذا الأسود بشَعوب، وخرج إليه شهر بن باذام، وذلك لعشرين ليلةً من مَنجمه، فبينما نحن نترقَّبُ الأخبار جاء الخبرُ أن الأسودَ قتل شهرًا، وهزم الأبناء، وغلب على صنعاء لخمسٍ وعشرين ليلةً من مَنْجَمه، وخرج معاذٌ هاربًا، فمر بأبي موسى، فاقتحما حضر موت، فنزل معاذٌ السَّكون، ونزل أبو موسى السَّكاسكَ، وانحاز سائرُ أمراء العرب إلى الأطراف فنزلوا الظواهرَ (١)، ولم يرجعْ إلى المدينة سوى عمرو بنِ حَزْمٍ وخالدِ بن سعيد بن العاص.

وكان قُوّادُ الأسود: قيس بن عبد يغوث المُرادي ومعاوية بن فلان الليثي (٢)، ويزيد ابن حُصين الحارثي، ويزيد بن أَفْكل الأزدي، وثبّت مُلكه (٣)، ثم استَغلظ أمرُه حتى غلب على اليمن وانتهى إلى الطائف، وعاملهُ المسلمون بالتَّقِيَّة، والمنافقون بالردَّة عن الإِسلام، وكان خليفتُه في مَذْحج عمرو بن معدي كرب، وأمرُ جُنْدِه إلى قيس بن عبد يَغوث، وأسند أمرَ الأبناء إلى فيروز وداذَوَيْه.

فلما أثخن في الأرض استخفَّ بقيسٍ وفيروز، وتزوَّج امرأة شهر وهي أختُ


(١) في الطبري ٣/ ٢٣٠: وانحاز سائر أمراء اليمن إلى الطاهر - ابن أبي هالة - والطاهر يومئذ في وسط بلاد عكّ بحيال صنعاء.
(٢) في الطبري ٣/ ٢٣٠: معاوية بن قيس الجنبي، وفي تاريخ دمشق ١٤/ ٤٨٤ (مخطوط): معاوية بن فلان الجنبي.
(٣) في (ك) وتاريخ دمشق: وابنا مليكة، والمثبت من الطبري.