للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيروز (١)، فاتفق فيروز وداذَوَيْه وقيسٌ على قتله، فدخل عليه فيروز وهو نائم يَغُطُّ، فتكلم الشيطان على لسانه وقال: ما لي ولك يا فيروزُ؟ فلم يلتفت فيروز ودقَّ عُنُقَهُ وذَبحه، فلما قتله قال رسولُ الله : "قتل الأسودَ الليلة رجلٌ مُبارَكٌ، من أهل بيتٍ مُبارَكين" قيل: يا رسول الله مَن قتله؟ قال: ["فيروز]، فاز فيروز" (٢).

الوجه الثالث: ذكر محمَّد بن إسحاق في آخر المغازي قَتْلَ الأسود وفيه زيادات فقال: كان سببُ قتلِه أنه كانت عنده امرأةٌ من بني غُطَيْفٍ سباها، وهي عمرةُ بنتُ عبد يَغوث المكْشُوح أختُ قيس، وامرأةٌ من الأبناء ممَّن سَبى يُقال لها: بَهرانةُ بنتُ الدَّيْلم، أختُ فيروز بن الديلمي، فكان فيروز يَدخل عليه [إذا شاء لمكان أخته، وكان قيس يدخل عليه] أيضًا لمكان أخته، وكانا نَديمَيْن له، وكان الأسود قد قتل عُمير بن [عبد] يغوث أخا قيس،

واتفق قيسٌ وفيروز على قتله، وبلغ قيسًا أن النبي قال للمسلمين: "ستقتلون الأسود". فطمع قيس في قتله، ودخل معهما رجلٌ من الأبناء يُقال له: داذَوَيْه، فأفضى قيسٌ بذلك إلى أُخته وقال لها: قد عَرفتِ عداوتَه لقومك، وما قد ركبهم به، والرجلُ مَقتولٌ لا محالة، فإن استطعتِ أن يكون بنا فافعلي، فنُدرك به ثأرَنا، ويكون مَأثُرة لنا، فتَحيَّني لنا غِرَّته إذا سَكِر.

فطاوعته على ذلك [وقال فيروز لصاحبته مثل ذلك] فقال لها: هذا الرجلُ يُريد أن يُجليَ قومَك من اليمن، فأجابتْه إلى ذلك، فكان مَقتلُه في بيت الفارسية، وذلك لأنها جَعلت في شرابٍ له البَنْج، فلما غلب على عقله بعثتْ إلى أخيها: شأنك وما تُريد، فأقبلوا ثلاثتُهم: قيسٌ وفيروز وداذَوَيْهِ حتى انتهَوْا إلى الباب فقالوا: أيّنا يَكفي الباب لئلا يدخُلَ علينا أحد؟ فقال داذويه: أنا، فوقف عند الباب، ودخلا فجثم فيروز على صدره فضَبَطه، وضربه قيسٌ بسيفه حتى قتله، واحتزَّ رأسَه، وبعث به إلى المهاجر بن أبي أميّة، فعاد المهاجر إلى صنعاء.


(١) في الطبري وتاريخ دمشق والمنتظم ٤/ ١٩ أنها ابنة عم فيروز.
(٢) أخرجه الطبري ٣/ ٢٣٦، وابن الجوزي في المنتظم ٤/ ٢٠ من حديث ابن عمر ، وما بين معكوفين منهما.