قال هشام: سار خالد تحت لواء شرحبيل بن حسنة، فقيل له في ذلك فقال: لأن شرحبيل بن حسنة رفيقي في الهجرة إلى الحبشة، وكان على عهد رسول اللَّه ﷺ يَنصرني على ابن عمي.
وقال أبو بكر رضوان اللَّه عليه لشرحبيل: إن خالدًا قد اختارك على ابن عمِّه، فاعرف له ذلك، فإن رسول اللَّه ﷺ توفي وهو راضٍ عنه، وولاه، وكنتُ قد ولَّيتُه، ثم رأيتُ عزلَه، وعسى أن يكون خيرًا له في دينه، وبلغ خالدًا فقال: واللَّه ما عزلني إلا طاعة للأعيسر، ثم ذكره بعد.
ولما توجه الأمراء قال أبو بكر لخالد بن سعيد: إذا نزلت تيماء فادعُ ما حولَها من العرب، وأقم هناك حتى يأتيك أمري. فسار إليها فأقام بها، واجتمع إليه خلقٌ كثير، وبلغ الروم فضربوا البعْثَ على عرب الضاحية بالشام، فنفر إلى نُصرة الروم طوائف العرب: بَهْراء وكلب وتنوخ وجُذام وغسّان ولَخْم وغيرهم، فكتب خالد إلى أبي بكر يَستمدُّه، فكتب إليه أبو بكر: أَقدِمْ ولا تُحجم، واستنصر باللَّه، فسار إليهم خالد فتفرَّقوا، ودخل عامَّتُهم في الإِسلام.
وسار إلى خالد بِطريقٌ من الروم في جمع عظيم، اسمه باهان، والتقوا، فهزمه خالد، وقتل جُنده، وكتب إلى أبي بكر ﵁ بالفتح وأن يُمدَّه فأمدّه.
وأما عمرو بن العاص فإنه لما تَوَجه إلى فلسطين كتب إليه أبو بكر يُخيِّره بيّن أن يغزو إلى الشام، وبين أن يَرجع إلى ما ولاه رسول اللَّه ﷺ من صدقات كلب وقضاعة، فاختار الجهاد في سبيل اللَّه، وكتب إلى الوليد بن عُقبة بمثل ذلك فأجابه مثل ما أجاب عمرو، فأمَّر عمرو على فلسطين والوليد على الأردن.
وكان يزيد بن أبي سفيان أميرَ الجيوش، وفي جُنده سُهيل بن عمرو وأشراف مكة، واستعمل أبو بكر أبا عبيدة على حمص، وأمدّ خالد بن سعيد بعكرمة بن أبي جهل وذي الكَلاع، وكتب إلى الوليد بن عُقبة أن يجتمع مع خالد بن سعيد بمشارف الشام، فسار خالد إلى مرج الصّفَر، فاجتمع بالوليد، ثم نزلا بالواقوصة، وقيل: بيّن الواقوصة ودمشق.
ولما سار خالد للقاء الوليد أخذ عليه الطريق بِطريق يُقال له: ماهان، وكان قد