للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمات، وهو الذي يُكنى: أبا ذات الكرش، وأما العاص فقتله علي يوم بدرٍ كافرًا، ولقي عمر سعيد بن العاص يومًا، فقال له: تَزعم أني قتلتُ أباك، وَدِدتُ أني فعلتُ ذلك، ما قتله إلا علي، ولكن قتلتُ خالي بيدي العاص بن هشام، فقال له سعيد: يا أمير المؤمنين لو قتلتَه لكنت على حق، وهو على باطل (١). وأما الذي استشهد من ولد سعيد فسنذكرهم في نواحيهم.

قال عبد اللَّه بن عمرو بن سعيد بن العاص: كان خالد وعمرو ابنا سعيد بن العاص قد أسلما، وهاجرا إلى الحبشة، وأقام غيرهما من ولد أبي أحيحة سعيد بن العاص على ما هم عليه، ولم يسلموا حتى كان يوم بدر، فخرجوا يوم بدر، ولم يتخلَّفْ منهم أحد، فقُتل العاص بن سعيد كافرًا، قتله عليّ، وقَتل الزبيرُ عبيدة بنَ سعيد، وأفلت أبان ابن سعيد.

وكان خالد وعمرو ابنا سعيد يكتبان من الحبشة إلى أخيهما أبان، يقولان: اللَّه اللَّه أن تموتَ على ما ماتَ عليه أبوك، وقُتل عليه أخواك، فيغضب من ذلك ويقول: لا أفارق دينَ آبائي، وكان أبوه قد مات مسألة بالطائف بالظُّرَيْبة كافرًا، فقال أبان: [من الطويل]:

ألا ليت ميتًا بالظُّرَيبة شاهدًا … لما يفتري في الدين عمرو وخالدُ

أطاعا بنا أمرَ النساء فأصبحا … يُعينان من أعدائنا مَن نُكايدُ

فقال خالد بن سعيد: [من الطويل]:

أخي ما أخي لا شاتمٌ أنا عِرضه … ولا هو عن سوء المقالة مُقْصِرُ

يقول إذا اشتدّت عليه أمورُه … ألا ليت مَيتًا بالظُّرَيْبة يُنشَرُ

فدع عنك ميتًا قد مضى لسبيله … وأقبلْ على الحي الذي هو أفقرُ

وأقام أبان بمكة على حاله كافرًا إلى زمن الحُديبية، فلما بَعث النبي عثمان بنَ عفان في رسالة إلى قريش، أجاره أبان حتى بلَّغ الرسالة، وعاد إلى رسول اللَّه ، [وعاد رسول اللَّه ] إلى المدينة.


(١) التبيين ١٩٣ - ١٩٤.