وأقبل خالد وعمرو من الحبشة في السفينتين، وكانا آخر من هاجر منها، فكتبا إنى أبان يدعوانه إلى الإسلام، فأجابهما، وقدم المدينةَ على إثرهما مسلمًا، وخرجوا إلى خيبر سنةَ سبعٍ من الهجرة، ورسول اللَّه ﷺ بها، فأسهم لهم، ثم قالوا بالمدينة إلى سنة تسع، فبعث رسول اللَّه ﷺ أبانًا عاملًا على البحرين، وكتب له كتاب الصدقات.
وسأل أبان رسول اللَّه ﷺ أن يحالف عبد القيس، فأذن له، فقدم البحرين ومعه لواء أبيض وراية سوداء، فحمل لواءه أبو رافع مولى رسول اللَّه ﷺ، فلما قارب البحرين تَلقَّاه المنذر بن ساوى في ثلاث مئةٍ من قومه، وعبد القيس على ليلةٍ من منزله، فاعتنقا، ورحَّب به المنذر، وسأله عن رسول اللَّه ﷺ، فأخبره أن رسول اللَّه ﷺ قد شفعه في قومه.
وأقام أبان بالبحرين يأخذ الصدقات والجزية والعشور، فاجتمع عنده مال، فكتب إلى رسول اللَّه ﷺ يُخبره، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين، فحمل المال إلى رسول اللَّه ﷺ.
فلما تُوفي رسول اللَّه ﷺ، وارتدّت العرب، وارتدّ أهلُ هجر، قال أبان بن سعيد لعبد القيس: بلِّغوني مَأمني، فقالوا: بل أقم عندنا نجاهد معك في سبيل اللَّه، فنحن قد ثبتنا على إسلامنا، واللَّه مُعزّ دينه ومظهره، فقال: أبلغوني مأمني، يكون لي أسوةٌ بأصحابي، فما مثلي مَن يَغيب عنهم في هذا الوقت، أحيا بحياتهم، وأموت بموتهم، فقال له الجارود العبدي: لا تفعل، أنت عندنا أعزّ الناس، وعلينا وعليك في هذا وَهن عظيم، يقال: فرَّ من القتال، ولامه الجارود، وقال: أَنشُدك اللَّه أن تَخرج من بين أظهُرنا، فإن دارنا مَنيعةٌ، ونحن لك سامعون مطيعون، ولو كنتَ اليوم بالمدينة لبعثك أبو بكر إلينا، فأبى عليهم، فجهّزوا معه ثلاث مئة منهم.
وكان معه من مال الصدقة مئةُ ألف درهم، فلما قدم على أبي بكر لامه على القدوم، فقال ألا ثبتَّ مع قوم لم يُغيّروا ولم يُبدّلوا، فقال أبان: وهم على ذلك، وأثنى عليهم، قال: فأرجع إليهم، فقال أبان: لا أعمل لأحدٍ بعد رسول اللَّه ﷺ، وقال له عمر: ما كان حقّك أن تَقدم المدينة بغير إذن إمامك، وقال لأبي بكر: أَكرِهْه على