للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُصرتنا، والدفع عنا وعن بلادنا، فسكت.

وكان رستم لما نزل الدير رأى في منامه كأن ملكًا نزل من السماء، يختم على جميع سلاحهم، فتطيَّر من ذلك، وسار فنزل النَجف، فأقام عليه، وسعد بالقادسيّة لا يتقدَّم ولا يتأخّر، فأقام رُستم بالنَّجف أربعةَ أشهر؛ رجاء أن يَضجر سعد فينصرف، مخافةَ أن يَجري على رستم ما جرى [على] مَن تَقدّمه، وأرسل يَزْدَجِرد يحثُّ رُستم على لقائهم.

وكان طُليحة قد أسلم وحَسُن إسلامه، وسار مع سعد في ذلك الجيش، فدخل عسكر رستم ليلًا، فرأى فرسًا على باب مِضْرَب، فقطع مِقوَده، وقرنه بفرسه، وساقه وسط العسكر، ونَذِروا به، فخرجوا في إثره، فقتل كل مَن تبعه ونجا، وتبعه مَرزبان منهم فأسره، وجاء به إلى سعد، فقال: حَدَّثني عن فُرسانكم، فقال: رأيتم فارسًا قطع عسكرًا فيه ما بين ألوف، ويخرج سالمًا غير هذا؟! يعني طُليحة، وأسلم الرجل وقال: أبشر بالنصر، فسمّاه سعد مُسلما.

ثم عاد رستم إلى رؤياه، ورأى ذلك الملك بعينه قد نزل من السماء، وختم على سلاحه ومعه نبينا ، فدفع الخَتْم إليه، فدفعه إلى عمر، فازداد حُزنًا.

وعمر يُمدُّ سعدًا بالسلاح والقبائل والميرة وغيرها، فلما علم رستم أنهم غيرُ مُنتَهين عنه، وإن أقام نازلوه، قرن عشرين ألفًا في السلاسل، وفَرَّق الفيلة ميمنةً وميسرة، وقدَّم بين يديه فيلًا أبيض كان لسابور يُعَدُّ بألف فيل، وجاء فنزل المكان المعروف بالعتيق، وكان ينظر في النجوم، فرأى تلك الليلة أهوالًا عظيمة، وأن النجوم تتساقط، فلما أصبح ركب وصَعد تلًا دون القَنْطرة -وكان سعد قد غلبهم على القنطرة التي على العتيق- فنظر إلى عساكر الإِسلام فوافاهم قليلًا، فاحتقرهم بالنسبة إلى عسكره، فأرسل إليهم زُهرة بن الحويّة يقول: أنتم جيرانُنا، وما زلنا مُحسنين إليكم، فارجعوا عنا، فقال سعد: إنا لم نَأتكم لطلب الدنيا، وإنما مَقصودُنا الآخرة، وإن اللَّه أرسل إلينا رسولًا، فدعانا إلى دينه، فأرسل رستم يقول: وما الدين؟ فقال سعد: عموده شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وإخراج العباد من عبادة النيران والأوثان إلى عبادة الرحمن، فقال رستم: ما أحسن ما قلتُم، أرأيتُم إن أَجبناكم إلى ما