وجعل سعد على الميمنة جرير بنَ عبد اللَّه البَجَلي، وعلى الميسرة قيس بنَ المكشوح، وفي المقدمة القعقاع بن عمرو وعمرو بن معدي كرب والأشعث بن قيس وغيرهم، وقال سعد إذا كَبَّرتُ بعد الظهر فاستَعِدُّوا، وإذا كبَّرتُ الثانية فانشطوا، وإذا كبَّرتُ الثالثة فاحملوا، فإن اللَّه هدى هذه الأمة بالتَّكبير، والنَّصرُ مَقرون به.
وخرج أهل النَّجدات يَطلبون المبارزة، فخرج إليهم أمثالُهم من أهل فارس، فبرز هُرمز وكان من ملوك باب الأبواب، وعليه تاجُه ومِنطَقَتُه وزينتُه، فخرج إليه غالب بن عبد اللَّه الأسدي فأسره، وجاء به إلى سعد، وخرج إلى طُليحة عظيمٌ من الفُرس فقتله طُليحة، وصلّى الناس الظُّهرَ، وكبَّر سعد فاستعدُّوا، ثم كبَّر الثانية فنشطوا، ثم كبَّر الثالثة فدارت رحى الحرب، وحملت الفيَلة على الميمنة والميسرة، فانذَعَرت الخيول منها وأحجَمتْ، فترجلت أَسَد وتميم وبَجيلة، وحملوا على الفِيَلة حملةً عظيمة، فقطعوا أحزمتها، ووقع مَن عليها فقتلوهم، وكان يومًا عظيمًا، قُتل فيه من أَسَد خمس مئة رجل؛ لأنهم باشروا الفيلة بنفوسهم، فأنْكَتْ فيهم.
وجال المسلمون جولةً لما شاهدوا من قتال الفُرس، وكان [سعد قد تزوج سلمى بنت خَصَفة امرأة المثنّى قبله، فنزل بها القادسية، فلما رأت ما يصنع أهلُ فارس قالت: وامُثنَّياه ولا مُثَنَّى للخيل اليوم، فلطم] سعد وَجْهَها، وقال: أين المثنَّى من هذه الكتيبة التي تدور عليها رحى الحرب أو المنون، يعني بني أسد وبَجيلة وبني تميم، فقالت سلمى: أغَيْرةً وجُبنًا، فقال سعد: لا يَعذرني اليوم أحدٌ إذا أنت لم تَعذريني وأنت ترين ما بي، وحجز الليل بينهم، وأمر سعد بنقل القتلى إلى وادي العُذَيب وعين الشمس، ففعلوا.
وأصبحوا في اليوم الثاني على تَعبية -ويقال له: يوم أغواث؛ لأن اللَّه أغاث المسلمين بجيش هاشم بن عُتبة بن أبي وقاص- فلما تزاحف الفريقان إذا بطلائع من نحو الشام قد ظهرت، وكان عمر قد جَهَّز هاشم بن عُتبة في ستة آلاف فارس.
قال سيف: وتقدَّم القعقاع بن عمرو فطلب المبارزة، فبرز إليه بَهْمن جاذَويْه، ويقال له:[ذو] الحاجب، فقال له: مَن أنت؟ فقال: بهمن جاذَوْيه، فقال القعقاع: يا ثارات أبي عُبيد، وحمل عليه فقتله، وتواترت الجيوشُ من الشام، وفرح المسلمون