للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى الرَّبيع عن الشافعي قال: كان عتبةُ قد زوَّج ابنتَه هندًا رجلًا من قريشٍ، فطلَّقها أو مات عنها، فقالت لأبيها: إنَّك زوَّجْتَني ولم تُشاورني، فإن عُدْتَ فشاورني، فخطبها أبو سفيان بن حربٍ وسُهيل بن عمرو، فقالت: صِفهما لي. فقال: أما سهيل فتقضين عليه في أهله وماله، وأما أبو سفيان فلا تُخالفينه إلَّا نهاك (١)، وكلاهما سيِّدان. فاختارت أَبا سفيان، وقالت: إن أتاني منه ولد يكن سيِّدًا، وإن أتاني ولدٌ من سُهيلٍ يكن (٢) أحمق. فتزوَّجها أبو سفيان فولدت له مُعاوية، وتزوَّج سهيلٌ امرأةً فولدت له ولدًا، فمرَّ عليه ذات يومٍ رجلٌ ومعه ناقةٌ وشاةٌ، فقال لأبيه سهيل: يَا أبه، هذه بنتُ هذه، فقال سُهيل: يرحمُ اللَّه هندًا.

ولم يذكر ابنُ سعد الفاكه في أزواجِ هند، ويقال: إن الفاكه [هو] حفص، والفاكه لقب (٣).

وذكر ابن عبد ربِّه في كتاب "العقد" وقال: كانت هند عند الفاكه بن المُغيرة المخزومي، وكان له بيتٌ للضيّافة يغشاه النَّاسُ فيه بغير إذن، فخلا ذلك البيتُ يومًا، فدخل الفاكهُ وهند فناما فيه وقت القائلةِ، فانتبه الفاكه وخرج لبعض حاجته، وجاء رجلٌ ممَّن كان يدخلُ بيت الضيافة، فدخل، فرأى هندًا نائمةً فولَّى هاربًا، وعاد الفاكه فرأى الرجل خارجًا، وهند نائمةٌ، فضربها برجله فانتبهت، فقال: من هذا الخارج من عندك؟ فقالت: واللَّه ما رأيتُ أحدًا، فقال لها: الحقي بأهلك، وخاض النَّاسُ في أمرها، فقال لها أبوها: أخبريني خبرك، فإن كان صادقًا دسستُ إليه مَن يقتلُه، فينقطع العارُ، وإن كان كاذبًا حاكمته إلى الكاهن، فقالت: واللَّه إنَّه لكاذِبٌ، فقال عتبةُ للفاكه: إنَّك قد رَميتَ بنتي ببُهتانٍ عظيمٍ، فإما أن تُبيّن، وإمَّا أن تُحاكمني إلى الكاهن، فقال: أُحاكمك.

فخرجا إلى الكاهن في جماعةٍ من أهلهما، فلما شارفوا بلادَ الكاهن تغيَّر وجهُ هند، فقال لها أبوها: هلا كان هذا قبل أن يَشتهر خُروجُنا بين النَّاس، فقالت: واللَّه ما ذاك لمكروهٍ [قبلي] ولكنكم تأتون بشرًا يُصيبُ ويُخطئُ، ولعله يُخطئ فيَسِمني بميسمٍ


(١) في تاريخ دمشق ١٩/ ٥٦٨: وأما أبو سفيان فرجل شرس، لا تتكلمين إلا نهاك، ولا تخالفينه إلا ضربك.
(٢) في النسخ: يكون، في الوضعين.
(٣) من قوله: ولم يذكر ابن سعد. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).