للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعدَدْتُ كَفني، وإن عمر سيَبعثُ إليَّ بكَفَنٍ، فإن بعث فتصدَّقوا بأحدِهما (١).

وقال هشام: ولما ماتت بعث إليها عمرُ بخمسةِ أثوابٍ، وقال: كفنها وغسَّلها أزواجُ رسولِ اللَّه ، وحُمِلت على السرير الذي حُمِل عليه رسول اللَّه وأبو بكر.

وقال ابن سعد بإسناده عن الواقدي: لمّا أرسل إليها عمرُ بالمال وفرَّقَتْه قال: هذه امرأةٌ يُرادُ بها الخيرُ، ثم جاء فوقف على بابِها، وأرسل إليها بالسلامِ وقال: قد بَلَغني ما فَرَّقتِ، وأرسلَ إليها بألفِ دِرهم، وقال: أنفقيها، فسلكت بها سبيلَ ذلك المال.

قال الواقدي: ولما احتُضِرت بعث إليها عمر بخمسةِ أثوابٍ من الخزائن، يَتخيَّرها ثوبًا ثوبًا، فكُفِّنت فيها، وتصدَّقت عنها أُختُها حَمْنةُ بكَفَنها الذي أعدّته تتكفَّنُ فيه (٢)، وقالت عائشة : لقد ذهبتْ زينبُ حَميدةً فَقيدة مَفزَع اليتامى والأرامل.

قال الواقدي: وماتت في يومٍ صائفٍ، فمشى عمرُ في جَنازتها، وصلّى عليها وكبَّر أربعًا، وضرب على قبرها فُسْطاطًا لأجل الحَرِّ، فقالوا لعمر: مَن ينزِلُ في قبرِها؟ فقال: مَن كان يدخلُ عليها في حياتها، وهو أَوَّل فُسطاطٍ ضُرِبَ على قبرِ امرأةٍ بالمدينةِ. ودُفنِت بالبَقيعِ، ونزل في قبرِها محمد بن طلحة بن عبيد اللَّه التيمي، وهو ابنُ أُختِها، وهو السجَّادُ، قُتِل مع أبيهِ يوم الجمل، وأُسامةُ بن زيدٍ وكان مَحْرمًا لها؛ لأنها كانت زوجةَ أبيه، وأبو أحمد بن جَحْشٍ، وكان ضريرًا وهو أخوها، فرآه عمر وهو يروم [حَمْل] سريرها وهو يَبكي، فقال له عمر: تنحَّ يا أبا أحمد عن السرير، لا يَبْغتك الناس، فقال: يا عمر، هذه التي نِلْنا بها الشرفَ في الدنيا والآخِرةِ، وإنَّ هذا يُبْرِدُ حرَّ ما أجدُ، فقال له عمر: الزمْ الزمْ.

قال الواقدي: وماتت في سنة عشرين، ووقف عمر بن الخطاب على قبرِها، والأكابرُ من أصحابِ رسولِ اللَّه على أرجُلهم، وأمر عمرُ محمَد بنَ عبد اللَّه بن حجشٍ ومَن سمَّيْنا فنزلوا في قبرها.

وحكى ابن سعدٍ عن الواقدي، عن أشياخه قالوا: تزوَّج رسولُ اللَّه زينب بنت


(١) الأخبار السالفة في طبقات ابن سعد ١٠/ ١٠٤ - ١٠٥.
(٢) من قوله: وقال ابن سعد عن الواقدي. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).