للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، فما ظفروا بشيء قاسموه العسكر الذي على المدينة، فقال أبو موسى: لا أرى هذا، وإنما أرى أن يكون لهم، فقال عثمان: لو فعلنا هذا لم يبق على المدينة أحد، كانوا يطلبون الغنيمة، ثم اتفق المسلمون على ما قال عثمان، فبعث ثلاثًا وستين عاملًا على نَيّف وثلاثين رُستاقًا، ثم فتح اللَّه البلد (١).

وفيها فُتِحت فَسا ودَرابَجِرْد على يدي سارية بن زُنَيْم.

وفيها فُتِحت كَرْمان على يدي سُهيل (٢) بنِ عَدي، ووجد فيها من الجمالِ البُخْتِ شيئًا كثيرًا.

وفيها فُتحت سِجِسْتان على يدي عاصم بن عمرو وعبد اللَّه بن عُمَير.

وفُتحت مُكْران على يدِ الحكم بن عمرو، وبعث الحكمُ إلى عمر بالغنائم، فقال عمرُ للرسولِ: صِف لي مُكْرانَ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، ما أقول في أرضٍ سهلُها جَبلٌ، وماؤها وَشَلٌ، وتَمْرُها دَقَلٌ، وعدوُّها بَطَل، خيرُها قليل، وشرُّها طويل، وما وراءها أشرُّ منها، فقال عمر: واللَّه لا يجوزُ لي جيشٌ ما وراء النهرِ ما أُطِعْتُ، ثم كتب إلى أُمراءِ الجيوشِ: اقتصِروا على ما دون النهر.

وفيها عزل عمر عمارًا عن الكوفة، وولّى أبا موسى الأشعري.

وكان أهل الكوفة قد كتبوا إلى عمر رضوان اللَّه عليه يقولون: إن عمارًا ليس بأمين، فاستقدمه عمر رضوان اللَّه عليه، ومعه جماعةٌ من أعيان الكوفة، فيهم سعد بن مسعود الثقفي عمّ المختار، وجرير بن عبد اللَّه البَجلي، فقال لهم عمر رضوان اللَّه عليه: ما تعرفون من أميركم؟ فقال جرير بن عبد اللَّه: هو واللَّه غيرُ كافٍ ولا مُجزٍ ولا عالم بالسياسة، فقال له عمار: كذبت، فقال له عمر رضوان اللَّه عليه: أنت أكذبُ منه، لستَ بصاحبِ عمل، ولكني تأوَّلتُ قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٥] الآية، فقيل لعمار بعد ذلك: أساءك العَزْلُ؟ فقال: ما سَرَّتني الولاية، ولقد ساءني العَزْلُ.


(١) تاريخ دمشق ٦/ ٤٧٣ (مخطوط)، ومن قوله: قال زياد الأعجم. . . إلى هنا ليس في (ك).
(٢) في النسخ: إسماعيل، وهو خطأ، والمثبت من تاريخ الطبري ٤/ ١٨٠، وانظر الإصابة ٢/ ٨٩.