للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ما قال فيكم؟ فقالوا: قال: [من الطويل]

إذا اللَّه عادى أهلَ لُؤمٍ ودِقَّةٍ … فعادى بني عَجْلانَ رهطَ ابنِ مُقْبِلِ

فقال عمر رضوان اللَّه عليه: هذا رجل دعا، فإن كان مَظلومًا استُجِيبَ له، وإن لم يكن مَظلومًا لم يُستَجَبْ له، قالوا: فإنه قال:

قُبَيِّلَةٌ لا يَخفِرون بذِمَّةٍ … ولا يَظلمون الناسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ

فقال عمر رضوان اللَّه عليه: ليت آل الخطاب كانوا مثل هؤلاء، قالوا فإنه يقول:

ولا يَرِدون الماءَ إلا عَشِيَّةً … إذا صَدرَ الوُرَّادُ عن كلِّ مَنْهَلِ

فقال عمر رضوان اللَّه عليه: فذاك أَجَمُّ لهم وأَمْكَن، قالوا: فإنه يقول، وذكروا بيتًا فيه تَذَلُّل (١)، فقال عمر رضوان اللَّه عليه: سَيِّدُ القوم خادِمُهم.

وقال عمر رضوان اللَّه عليه لجرير والناس يَتحامَون العراق وقتال الأعاجم: سِرْ بقومك، فما غلبتَ عليه فلك رُبعه، فلما جُمعت غنائمُ جَلولاء ادَّعى جرير أن له رُبع ذلك، فكتب سعد يُخبره بذلك، فكتب إليه عمر رضوان اللَّه عليه: صدق جرير، قد قلتُ له ذلك، فإن شاء أن يكون قاتَل هو وقومُه في جُعْلٍ فأَعطوه جُعْلَه، وإن يكن إنما قاتَل للَّه ولدينه وحَسَبه فهو رجل من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم.

فلما قدم كتابُه على سعد بذلك، أخبر جريرًا فقال: صدق أمير المؤمنين، لا حاجةَ لي به، أنا رجلٌ من المسلمين (٢).

وسأل رجلًا عن شيء فقال: لا، أطالَ اللَّه بَقاءك، فقال عمر رضوان اللَّه عليه: ما هذا، قد عُلّمتُم فلم تتعلّموا، هلا قلت: لا، وأطال اللَّه بقاءك.

وسمع امرأةً تَطوف بالبيتِ وتقول: [من الطويل]

وفيهنّ مَن تُسقى بَعذْبٍ مُبَرَّدٍ … نُقاخٍ فتلكم عند ذلك قَرَّتِ

وفيهنّ مَن تُسقى بأَخْضَرَ آجِنٍ … أُجاج ولولا خشيةُ اللَّه فَرَّتِ


(١) والبيت -كما في الشعر والشعراء ٣٣١، والعقد ٥/ ٣١٩ - هو:
وما سُمِّي العَجْلان إلا لقولهم … خُذ القَعْبَ واحْلُبْ أيها العبدُ واعْجَلِ
(٢) المنتظم ٥/ ٢٤٥.