للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحزاب: ٣٨]، ثم قال: مَن هذا؟ قالوا: غُلامُ المغيرة، فقال: ألم أقُل لكم لا تَجْلُبوا علينا من العُلوجِ أحدًا ممَّن جَرَت عليه المواسي.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن ابن عمر قال: لمّا طُعِنَ عمرُ حُمل فغُشي عليه فأفاق، فأخذتُ بيده وأخذ بيدي، فأجلسني خلْفه، وتسانَدَ إليَّ، وجِراحُه تَثْعَبُ، ثم توَضّأ وصلّى الفجر، فقرأ في الأولى بالعصر، وفي الثانية: قُل يا أيُّها الكافِرون.

وفي رواية ابن سعدٍ أنَّ أبا لؤلؤة اسمُه فيروز.

وقال ابنُ عباس: صلى عمر وجُرْحُه يَثْعَبُ دمًا.

وروى أيضًا عن ابن عباسٍ قال: جعلتُ أُثني على عمر فقال: بأيِّ شيءٍ تُثني عليَّ؟ بالإمْرَة أو بغيرها؟ قال: قلتُ: بكلِّ شيء، فقال: ليتَني أخرجُ منها كفافًا، لا أَجْرَ ولا وِزْرَ، وفي روايةٍ: لوَدِدْتُ أني أنجو كَفافًا لا لي ولا عليَّ (١).

وقال الواقدي: لما طُعن عمر قال: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم: ٤].

وقال الواقدي أيضًا (٢): دخل كعبُ الأحبارِ على عمر فقال له: يا أميرَ المؤمنين، اعهَدْ عهدَك، فإنَّك ميِّتٌ بعد ثلاثٍ، قال: وما يُدريكَ؟ قال: أجِدُ صفتَك في التوراة، وإنه قد فَنِيَ أجلُك، وعمر يومئذٍ صحيح ما به قَلَبَةٌ (٣)، وجاءه كعبٌ في اليومِ الثاني فقال: قد بقي من أَجَلِك يومانِ، ثم جاءه في اليوم الثالث فقال: قد بقي هذا اليومُ والليلةُ، فقال عمر: [من الطويل]

وأوْعَدَني كعبٌ ثلاثًا أَعُدُّها … ولا شكَّ أن القولَ ما قاله كعبُ

وما بي حِذارُ الموتِ إني لميِّتٌ … ولكن حِذارُ الذَّنْبِ يَتبعُه الذَّنْبُ

فلما كان من الغَدِ ضربه أبو لؤلؤة في صلاةِ الفجر سِتَّ ضَربات، إحداهُنَّ تحت سُرَّتِه، وهي التي قَتلَتْه، وقتل معه جماعةً منهم كليب بن بُكَير اللَّيثي وكان خلفَه.

قال: ودعَوْا له طبيبًا من بني الحارث بن كعب، فسقاه لَبَنًا فخرج من جُرْحهِ، فقال


(١) الأخبار السالفة في طبقات ابن سعد ٣/ ٣٢٢ - ٣٢٦.
(٢) من قوله: وقال ابن سعد بإسناده عن أبي الحويرث. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع).
(٣) أي: عِلّة.