للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان العباس قد قال لعليٍّ يوم طُعن عمر: الزَمْ بيتَك، ولا تدخل في الشورى، فلا يَختلفُ عليك اثنان (١).

ولما أخذ عبد الرحمن ﵁ منهم المواثيق خلا بعليّ ﵁ وقال له: إنك تقول إنك أحقُّ بهذا الأمر لقَرابتك، وسابقتك، وحُسْنِ أثرك، ولم تبعد، ولكن أرأيتَ لو صُرِف هذا الأمرُ عنك ولم تَحْضُرْه، مَن كنتَ تَرى أحقّ به من هذا الرَّهط؟ فقال: عثمان.

ثم خلا بعثمان رضوان اللَّه عليه وقال له: أنت تقول: إني شيخُ بني عبد مَناف، ولي سوابق، فلو صُرِف عنك هذا الأمرُ ولم تَحْضُر، مَن كنتَ ترى أحقّ به؟ قال: علي.

ثم خلا بالزبير ﵁، فقال له مثلَ ذلك، فقال الزّبير: عثمان، ثم خلا بسعدٍ ﵁، فقال له مثل ذلك، فقال: عثمان، ثم قال لعلي ﵁: أَنشدك اللَّه أن تكون ظَهيرًا لعثمان (٢)، وكان طلحة ﵁ غائبًا.

ثم شاور المهاجرين والأنصار، فكلٌّ أشار بعثمان، ثم قال للزبير: خلِّ نصيبَك لبني عبد مَناف، فقال: نَصيبي لعَليّ، فقال عبد الرحمن لسعد: أنا وأنت كَلالة، فاجعل نصيبَك لي فأَختار، فقال سعد: إن اخترتَ نَفسَك فنعم، وإن اخترتَ عثمان فعليٌّ أحبُّ إليّ، ثم قال له سعد: أيها الرجل، بايعْ نَفْسك وأرِحْنا، وارفع رؤوسَنا، فقال: واللَّه لا يَقوم أحدٌ مقام أبي بكر وعمر فيَرضى الناسُ عنه. فقام سعد والزبير غَضْبى.

وجمع عبد الرحمن وُجوهَ الناس وقال: أشيروا عليّ، فقال له سعيد بن زيد ﵁: إنا لنراك أهلًا لها، فقال: أشيروا عليّ بغير هذا، فقال عمّار بن ياسر: إن أردتَ ألا يَحْتلفَ عليك اثنان فبايعْ عَليًّا، فقال المقداد: صدق، إن بايعتَ عليًّا سَمِعنا وأطعنا، فقال عبد اللَّه بن سعد بن أبي سَرْح: إن أردتَ أن لا يَختلفَ عليك اثنان من قُريش فبايعْ عثمان، فقال عبد اللَّه بن أبي ربيعة: صدق ابنُ أبي سَرْح، فشتم عمار ابنَ أبي سرح وقال: متى كنت ناصِحًا للمسلمين.


(١) أنساب الأشراف ٥/ ١١٩ - ١٢٠.
(٢) في الطبري ٤/ ٢٣١ أن عليًا قال لسعد ﵄: أسألك برحم ابني هذا من رسول اللَّه ﷺ، وبرحم عمي حمزة منك ألا تكون مع عبد الرحمن لعثمان ظهيرًا عَلَيَّ.