للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُتي الوليد بساحر يهودي من أهل بابل، وكان يَصنع ضُروبًا من السِّحر، دخل يومًا على الوليد، فأراه فيلًا يَركض على فرسٍ في المسجد، ثم أراه حمارًا دخل في فِيه وخرج من دُبره، ثم ضرب عُنقَ رَجُلٍ وفرَّق بين رأسه وجسده، ثم أحياه، وكان أعيان أهل الكوفة حاضرين عند الوليد، فاخترط جُندب الخير السيفَ وقال: جاء الحقُّ وزهق الباطل، وضرب رأسَ السَّاحر فأبانه، فحبسه الوليد، وأراد قتلَه، فأطلقه السَّجَّان، وهرب جُندب إلى المدينة، فقتل الوليد السَّجَّان، وصَلبه بالكُناسَة، فثار الناس بالوليد.

قال عُبيد بن لاحق: كان رسول اللَّه في سفر، فنزل رجلٌ من القوم فساق بهم ورجز، ثم نزل آخر، ثم بدا لرسول اللَّه أن يُواسي أصحابَه، فنزل، فجعل يقول: "جندب وما جندب، والأقطع زيد الخير" فقال له أصحابه: ما هذا؟ قال: "رجلان يكونان في هذه الأمة، يَضرب أحدُهما ضَربةً يُفرِّقُ بها بين الحقّ والباطل، والآخر تُقطَع يدُه في سبيل اللَّه، ثم يُتبع اللَّه آخرَ جسده أَوَّلَه".

فجُندب بن زهير العامريّ الأزديّ هو المذكور، وزيد الخير هو زيد بن صُوحان، شهد جَلولاء وقُطعتْ يدُه، وشهد الجَمل وقُتل يومئذ زيد أخو صَعْصَعة بن صُوحان (١).

ولما فعل الوليد بجُندب ما فعل غضب الأزد، وقدم أعيانُهم على عثمان رضوان اللَّه عليه، وفيهم جَثّامة بن الصَّعْب، وطلبوا عَزْلَ الوليد، فغضب عثمان رضوان اللَّه عليه وقال: خرجتُم بغير إذن وَاليكُم، فقال جَثّامة: أبعد اللَّهُ والينا، وخرجوا غضابًا على عثمان رضوان اللَّه عليه، فقَدِموا الكوفة، ولم يلتفتوا إلى الوليد، وأقاموا يَطلبون غِرَّتَه، حتى سَكِر ليلةً، فدخل عليه جُندب بن زُهَير، وزهير بن عَوْف، وأبو مُوَرّع، وكلُّهم من الأزد، وأبو خُشَّة الغِفاري (٢)، فقدموا المدينة، فشهدوا عليه عند عثمان رضوان اللَّه عليه.

وقال سيف: كان عند الوليد امرأتان: ابنةُ ذي الخِمار وابنةُ أبي عَقيل، فدخل عليه


(١) طبقات ابن سعد ٨/ ٢٤٣.
(٢) في (خ) و (ع): أبو جهينة، والمثبت من الطبري ٤/ ٢٧٥، وانظر أنساب الأشراف ٥/ ١٣٨.