أبو مُوَرِّع وأبو زينب وهو نائم سَكران، قأكبّا عليه، وأخذوا خاتمه، وانتبه الوليد، فسأل الوليد عن الخاتم فقالا: ما رأيناه.
وقال ابن عيّاش: كان الوليد مُدمنًا على شُربِ الخمر، فشرب ليلةً مع نُدَمائه من أول الليل إلى الفجر، فلما أَذَّن المؤذّن لصلاة الفَجر خرج إلى المسجد، فصلّى بالناس أربع ركعات، وهو في غِلالة، وجعل يقول في سجوده وركوعه: اشرب واسقني، ثم قاء في المحراب وهو في الصلاة، فلما سَلَّم من الرابعة قال: أَزيدُكم، ولا يَدري أين هو، فقال له ابنُ مَسعود: مازِلْنا منك في زيادةٍ منذ اليوم، لا زادك اللَّه خيرًا، ولا مَن بَعثَك إلينا، وأخذ فَردَةَ خُفٍّ فضرب بها وَجه الوليد، وحَصبه الناس، فدخل القَصْرَ والحَصْباءُ تأخذه، وهو يَترنَّح ويقول أبيات تأبَّط شرًّا:[من الطويل]
ولستُ بعبدٍ غير خمرٍ وقَيْنةٍ … وإني عن الدِّين الحنيف بمَعْزِلِ
ولكنني أَروي من الخمر هامتي … وأمشي مَشْيَ السَّاحبِ المتَسَلْسِل
ثم خرجوا إلى عثمان رضوان اللَّه عليه فشهدوا عليه، فقال لجندب: أنتَ رأيتَ أخي يَشربُ الخمر؟ قال: نعم، رأيتُه سكران يَقلِسُها في المحراب من جَوْفه، وصلّى بنا الفجر أربعًا، وشهد الجماعة بذلك، فقال: ومن أين علمتُم أنها خمر؟! فقالوا: شرب الخمرَ التي كنا نَشربها في الجاهلية، فكتب إليه بالقُدوم عليه، فلما قَدِم قال له: ويحك، فقالْ اتّقِ اللَّه فيَّ فإنهم خُصوم، فقال: قد شهدوا عليك أنك كنتَ تَقيءُ الخمر، وما يقيئُها إلا شاربُها.
قال المِسْوَرُ بن مَخْرمة وعبد الرحمن بن أبي الأسود لعُبيد اللَّه بن عَديّ بن الخيار: ما يمنعُك أن تُكلِّم أمير المؤمنين في شأن الوليد بن عُقبة، فقد أكثر الناسُ فيه، قال عبيد اللَّه: فقصدتُه حين خرج إلى الصلاة، فقلتُ: إن لي إليك حاجَة، وهي نصيحة، فقال: أيها المرء، أعوذُ باللَّه منك، فلما انصرف من الصلاة دعاني فقال: ما حاجتُك، ما نصيحتُك؟! فقلتُ: إن اللَّه بعث محمدًا بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، وكنتَ فيمن استجاب للَّه وللرسول، فهاجرتَ الهجرتَين، وصحبتَ رسول اللَّه ﷺ، ورأيتَ هَدْيَه، وقد أكثر الناسُ في شأن الوليد، فقال لي: أدركتَ رسول اللَّه ﷺ؟ قلت: لا ولكن