المنبرَ حتى تَغْسِلوه من آثار الوليد بن عُقبةَ الفاسق، فإنه نَجِسٌ، فغسلوه. ثم ظهرت بعد ذلك من سعيد بن العاصِ هَناتٌ.
وفيها غزا سعيد بنُ العاصِ طَبَرِسْتان، خَرَج من الكوفة في جُيوشِها، وكان فيهم جماعةٌ من الصحابةِ، منهم الحسنُ والحسين وحُذيفةُ بنُ اليمانِ والعبادِلَةُ: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن الزبير، وخرج عبد اللَّه بنُ عامرٍ في جُيوشهِ من البصرةِ يُريد خُراسان، فسبق سعيدُ بن العاص فنزل قُومِس، ونزل ابنُ عامر أبْرَ شهْر (١)، وقتلوا وسَبَوا.
وسار سعيد إلى جُرْجان، ثم أتى طَمِيسة -وهي من طَبَرِسْتان، وهي مدينةٌ على لمعاحلِ البحرِ- فقاتلهُ أهلُها، حتى صلَّى المسلمون صلاةَ الخوف، ثم طلبوا منه الأمان، فصالحهم على مئتي ألف درهم، وقيل: إنَّه فتحها بالأمان على أن لا يَقتل منهم رجلًا واحدًا، وكانوا قد قتلوا في المسلمين، فلما دخلها قتلهم كُلَّهم إلا رجلًا واحدًا، واحتوى على ما كان فيها، وصالح أهلَ جُرجان على مالٍ، وعاد سعيد إلى الكوفةِ، وابنُ عامر إلى البصرة.
ثم إنَّ أهلَ جُرْجان نَقضوا العهدَ، ومنعوا الطُّرُقَ التي فتحها سعيد، حتى فتحها قُتيبةُ بنُ مُسلم.
وفيها سقط خاتَمُ رسولِ اللَّه ﷺ من يَدِ عثمان في بئرِ أَريس، وهي على ميلين من المدينة.
قال الواقدي: جلس عثمان على جانبِ البئرِ، فجعل، يَعبَثُ بالخاتم في إصبعه، فسقط فيها، وكانت أقلَّ الآبارِ ماءً وطينًا وحَمأة، فغرم عثمان أموالًا كثيرةً على نَزْحِها، فلم يُوجَدْ، وكان من فِضَّةٍ ونَقْشُه: محمد رسولُ اللَّه، وكان عثمان قد زاد على الكتابةِ: آمنتُ بالذي خلق فسَوَّى، ولمّا لم يَقْدِروا عليه قال عبدُ اللَّه بن سلام: إنّا للَّه وإنّا إليه راجِعون، ستضطربُ الأُمور بعد اليومِ، فكان كما قال.
وقيل: إنَّما سقط من يدِ مُعَيْقيب، تَخَتَّم به بأمرِ عثمان. والأوَّلُ أصحُّ.
(١) في النسخ: منوشهر، ولم أجدها في معاجم البلدان، والمثبت من الطبري ٤/ ٢٦٩.