للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سعيد يُلقّب خُدَينة، وهي الدّهقانة بلسان فارس، وسببُه أنَّه دخل عليه دِهقانٌ من وراء نهر بلخ، فوجده قد رَجَّل شعرَه، ولبس ثوبًا مُعَصْفرًا، فقال: ما هذا إلَّا خُدَينة، شبّهه بالمرأة.

وكان يقول: إنَّما سُمِّيتُ خُديْنة لأني لم أوافق على قتلِ اليَمانية فضَعَّفوني، وكلَّم رجلٌ من أسد خُدَينَة في شيءٍ فأغلظ له، فقال للرجل: يا مِلْط، فقال الرجل: [من الكامل]

زعمتْ خُدَينةُ أنني مِلْطٌ … ولخدْنَة المِقراضُ والمِشطُ

ومَكاحِلٌ ومَجامِرٌ ولها … من دَلِّها في خَدِّها نَقْطُ (١)

ودخل الحارث بن الحكم على أبي هريرة فجلس معه على وسادته، ودخل رجل فجلس بين يدي أبي هريرة، وقال: على عليَّ الحارث، فقال له أبو هريرة: قُم يا حارث، فبكى الحارث، فقال له: قم يا حارث فاجلس مع خَصمِك؛ فإن رسول الله أمر بمساواة الخَصمين بين يدي الحاكم، ومَضت السنةُ بذلك، فقام الحارث فجلس مع خصمه (٢).

وأمَّا مروان بن الحكم فوُلد على عهد رسول الله ، قال مالك بن أنس: وُلد يوم أُحد بالطائف، فلما تُوفِّي أبوه ضَمَّه عثمان رضوان الله عليه إليه، واستَكتَبه فاستولى عليه، وكان يُقال له: خيط باطل.

ونظر إليه عليّ رضوان الله عليه يومًا فقال له: ويلك، وويلٌ لأمة محمد منك ومن بَنيك إذا شابت ذراعاك.

وكان لا يُتَّهم في الحديث، روى عنه جماعة من التّابعين؛ منهم عروة بن الزُّبير وعلي بن الحسين (٣).

وأمَّا عبد الرحمن بن الحكم فيُكنَى أبا مُطرِّف، ويُقال: أبا الحارث، وكان يُهاجي


(١) أنساب الأشراف ٥/ ٣٣٥ - ٣٣٧.
(٢) تاريخ دمشق ٤/ ٩٣ (مخطوط).
(٣) التبيين ١٨٣ - ١٨٤.