ويقال: كان أفضل قريش في الجاهلية ثلاثة: عُتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأبو سفيان، فلما جاء الإسلام أدبروا في الرأي. وفُقئت عينُه يومَ الطَّائف، فلم يزل أعور حتَّى شهد اليرموك (١).
قال مُبشّر بن الحُوَيرث: فُقِدت الأصواتُ يومَ اليرموك إلّا صوتَ رجلٍ واحد يقول: يا معاشرَ المسلمين، يومٌ من أيَّام الله، أبلُوا فيه بلاءً حَسَنًا، يا نصرَ الله اقترب، والقتال يعمل، وإذا به أبو سفيان تحتَ راية ابنه يزيد.
ومات بالمدينة وله ثلاثٌ وثمانون سنة، وقيل: بِضعٌ وتسعون، وصلّى عليه ابنُه معاوية، وقيل: بل صَلَّى عليه عثمان رضوان الله عليه.
خرج أبو سفيان تاجرًا إلى الشام ببضائعَ فيها بضاعةٌ لرسول الله ﷺ؛ فلما عاد وَجد رسول الله ﷺ يدعو إلى الله، فلم يُعطِه بِضاعتَه، ولقي رسول الله ﷺ -فقال له: يا ابنَ عبد الله، أما تُريد بِضاعتَك؟ فقال:"أنت صاحبُ أمانة، ذاك إليك" فبعث بها إليه.
أقبلَ أبو سفيان من الشام ومعه هند ومعاوية على حمار، فلما دَنَوا من مكّة لقوا رسول الله ﷺ خارجَ مكّة؛ وذلك أوَّل الإسلام، فقال أبو سفيان: انزلا ليَركبَ محمد، فقالت هند: أتُنزِلُنا لأجلِ هذا الصابئ؟! فقال لها: هو والله خيرٌ منك ومن ابنك ومني.
لطم فاطمةَ أبو جهل، فلَقيتْ أبا سفيان وشكَتْ إليه، فرجع معها إليه وقال: الطِميه لَعنه الله، فلَطمتْه، فقال أبو جهل: أَدْرَكَتْك المنافِيَّةُ؟! قال: نعم، وجاءت فاطمةُ سلام الله عليها فأَخبرتْ رسولَ الله ﷺ، فرفع يديه وقال:"اللَّهمَّ لا تَنسَها لأبي سفيان".
ورماه سعيد بنُ عُبيد الثَّقفي من حِصن الطائف بحَجَرٍ فقلع عينَه، فجاء إلى رسول الله ﷺ وعينُه في يده، فقال له رسول الله ﷺ:"أيما أحبُّ إليك؟ أن أسألَ الله فيَردّها عليك، أو يُعَوِّضك عَينًا في الجنة؟ " فقال: لا، بل عينًا في الجنة.
ولما أعطاه رسول الله ﷺ الإبل يوم الجِعرانة والوَرِق -أعطى ابنَيه- قال له: والله