وأمَّا عُتبة فكُنيته أبو الوليد، وُلد على عهد النبي ﷺ، وولاه عمر رضوان الله عليه الطائف، ثم وَلاه معاويةُ مصر، وولاه المدينة والموسم، وشهد يوم الدّار، وشهد الجَمل، ثم هرب فعيّره عبد الرحمن بن الحكم.
وكان من فُصحاء قريش، ولم يكن في بني أميَّة أَخطَبُ منه، خطب بمصر وهو والٍ عليها فقال: يا أهل مصر، خفّ على ألسنتكم مَدْحُ الحقِّ فلا تأتونه، وذمُّ الباطل وأنتم تَفعلونَه، كالحمار يحمل أسفارًا، يُثقله حملُها، ولا يَنفعُه علمُها، وإني لا أُداوي داءَكم إلَّا بالسيف، ولا أَبلُغُ بالسيف ما كفاني السَّوط، ولا أبلغُ بالسوط ما صَلح بالدرّة، فالزموا ما ألزَمَكم الله لنا تَستوجبوا ما فرض الله لكم علينا، وهذا يوم ليس فيه عقاب، ولا بعده عِتاب.
وولدُه عَمرو بن عُتبة كان من رجالات قُريش، قدم على عمه معاوية، وسمع منه الحديث ومن جماعةٍ من الصّحابة، وسكن البصرة، وقدم على يزيد بن معاوية فأقطعه الزاوية ونهر مَعْقِل، وقدم على عبد الملك فأقطعه قَطيعة، وذكره ابن عَيّاش في الحُوْل من الأشراف، ومدحه الفرزدقُ فقال:[من البسيط]
لولا ابنُ عُتبةَ [عمرو] والرَّجاءُ له … ما كانت البصرةُ الحمقاءُ لي وَطَنا (١)
وأمَّا محمد وعَنْبَسَة فأمُّهما عاتكة بنت أبي أُزَيهر، أَزديّة، وقيل: دَوسِيَّة، ولمحمد بن أبي سفيان ولدٌ اسمُه عثمان بن محمد، كان عاملَ يزيد بن معاوية على المدينة سنةَ الحَرَّة.
وعَنْبَسة كُنيتُه أبو عامر، روى عن أمّ حبيبة زوجِ النَّبيِّ ﷺ ورضي عنها أنَّه ﷺ قال:"مَن حافظ على أربعٍ قبل الظُّهر وأربعٍ بعدها حَرَّمه الله على النَّار"، قال: فما تَركتُهنّ منذ سمعتُ أمَّ حبيبة تقول ذلك.
واستعمله معاوية على الصَّائفة سنة اثنتين وأربعين، فبلغ مَرج الشّحم، وولاه الموسم بمكة، وروى عنه مَكحول وشَهْرُ بن حَوْشَب وغيرهما، وابنُه عثمان بن عَنْبَسة
(١) انظر في ترجمة عتبة وابنه تاريخ دمشق ٤٥/ ١١٣ و ٥٥/ ٣٤٧، إضافة إلى ما سنذكر من مصادر قريبًا.