وكان يَتّجر في الجاهلية إلى خُراسان وغيرها، وكان رئيسًا في الجاهلية، إليه السِّقايةُ وعمارةُ المسجد الحرام، ولا يمكّن أحدًا يتكلّم في المسجد الحرام بهُجْر.
أسلم بمكة قبل بدر، وقيل: قبل أن يُهاجر رسول الله ﷺ، وأسلمتْ أمُّ الفضل معه، وكان مُقامُه بمكة عينًا ومُعينًا لرسول الله ﷺ؛ يكتب إليه بالأخبار، وكان مَن كان بمكة من المؤمنين يَتَقَوَّوْنَ به، ولقد كان يَطلبُ أن يَقدُمَ على رسول الله ﷺ، فكتب إليه رسولُ الله ﷺ:"مقامُك بمكة مُجاهدًا أحسنُ" فأقام بأمر رسول الله ﷺ، وكان يَكتُم إسلامه.
وقال رسول الله ﷺ يومَ بدر:"مَن لَقي العبّاسَ منكم فلا يَقْتُلْه؛ فإنَّه خرج مُستكرَهًا"، فلَقيه أبو اليَسَر، فقال له: أتُقاتل ابنَ أخيك وقد نهى عن قَتلك؟ فقال: ليس ذلك بأوَّلِ صِلتِه وبرِّه، فأسره أبو اليَسَر.
وقال سهل بن سعد: استأذن العبّاسُ رسول الله ﷺ في الهجرة، فقال:"اطمئنَّ يا عمّ؛ فإنَّك خاتَم المهاجرين كما أنا خاتم النبيّين".
وفادى العباسُ نوفلًا، وعَقيلًا ابنَ أخيه، ثم رجعوا إلى مكّة ثم أقبلوا إلى المدينة مُهاجِرين.
قال عَقيل بن أبي طالب للنبي ﷺ يوم بدر: مَن قتلْتَ من أشرافهم، أنحن فيهم؟ فقال له:"قُتل أبو جهل" فقال: الآن صفا لك الوادي، وقال له عَقيل: إنه لم يَبقَ من أهل بيتك أحدٌ إلَّا وقد أسلم، فقال له رسول الله ﷺ:"فقُلْ لهم فلْيَلْحقوا بي"، فلما أتاهم عَقيل بهذه المقالة خرجوا فقوموا المدينة بأولادهم وأهاليهم.
وكان قُدومُ العبّاس ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب من مكّة على رسول الله ﷺ في أيَّام الخندق، وشيَّعهما ربيعةُ بن الحارث بن عبد المطَّلب في مَخرجهما إلى الأبواء، ثم أراد الرجوع إلى مكّة، فقال له عمّه العباس وأخوه نَوفل بن الحارث: إلى أين تَرجع؟ إلى دار الشِّرك، يُقاتلون رسول الله ﷺ ويُكذّبونه؛ وقد عز رسول الله ﷺ