للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكثف أصحابُه، امضِ معنا، فسار معهما حتَّى قدموا على رسول الله مُسلمين مهاجرين.

وشهد العبّاس ليلةَ العَقَبة، وأخذ البَيعةَ لرسول الله على الأنصار، واستوثق له، وشهد معه فتح مكّة ويوم حُنَين، وثبت معه، وفَداه بنفسه، وشهد الطائف وما بعده.

وكان رسول الله يُكرمُه ويُجلُّه ويُعظِّمُه، وكان وَصولًا للرَّحم، يقومُ بأمر الحَجيج، يسقي ويُطعم، وكان عظيمًا عند الخُلفاء والصحابة، وكانت منزلتُه أن مَن لَقيَه من الخلفاء: أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما مُدَّةَ ولايتهما وهما راكبان؛ إلَّا نزلا، وقال كلُّ واحدٍ منهما دابته، ومشى مع العباس إلى داره.

قال الزُّهري: لقد جاء الإسلام وإن جَفْنةَ العباس لتدورُ على فقراء بني هاشم، وإن سَوطه وسيفَه لمُعَدٌّ لسُفهائهم.

وقال رجلٌ: هذا العباس، ما أسلم حتَّى لم يبقَ كافر، فشكى العبّاس إلى رسول الله ، فخرج مُغْضَبًا فقال: "إن العبّاسَ عمي، وعمُّ الرَّجل صِنْوُ أبيه".

قال ابن عباس: إن رجلًا من الأنصار وقع في أبٍ كان للعبّاس في الجاهلية،

فلَطَمه العبّاس، فليس قومُ الرجلِ السّلاح وقالوا. والله لنَلْطِمنّه كما لطمه، وبلغ رسول الله ، فصعد المنبر وقال: "أيها النَّاس؛ أيُّ أهلٍ أكرمَ على الله؟ " قالوا: أنت، قال: "فإن العبّاس مني وأنا منه، لا تَسبُّوا مَوتانا فتُؤذوا أحياءَنا"، فجاء القوم فقالوا: يا رسول الله، نَعوذ بالله من سَخطك.

قال عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث: دخل العبّاس على النَّبيِّ مُغضَبًا، فقال له رسول الله : "ما أغضبك؟ "، فقال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش؟ إذا تَلاقَوا بينهم تلاقوا بقُلوبٍ مُنشرحة، وإذا لَقونا لقونا بغير ذلك؟! فغضب رسول الله حتَّى احمرَّ وَجهُه، واستَدَرَّ عِرْقٌ بين عينيه، وكان إذا غَضب استَدرّ، فلما سُرِّي عنه قال: "والذي نفسي بيده، لا يَدخل قلبَ رجلٍ الإيمانُ حتَّى يُحبّكم لله ولرسوله"، ثم قال: "أيّها النَّاس، مَن آذى العبّاس فقد آذاني، إنَّما عمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيه".

جاء أسقفُّ غزَّة إلى رسول الله وهو بتبوك، فقال: يا رسول الله هلك عندي