للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاشم وعبد شمس، وهما تاجران، وهذه أموالهما، فدعا رسول الله عباسًا فقال: "اقسم مال هاشم على كُبَراء بني هاشم"، ودعا أبا سفيان بن حَرْب فقال: "اقسم مال عبد شمس على كُبراء ولد عبد شمس".

ولما قدم العباسُ ونَوفل مُهاجِرَين آخى رسول الله بينهما، وأقطعهما بالمدينة في موضعٍ واحد، وفَرَع بينهما بحائط، فكانا مُتَجاورَين، وكانا شريكَين في الجاهليَّة مُتحابّين مُتَصافِيَين وكانت دارُ نوفل التي أقطعه إياها رسولُ الله في موضع رَحْبة القضاء وما يليها إلى مسجدِ رسول الله ، وهي اليوم رَحْبَةُ القضاء، وهي تُقابل دارَ الإمارة التي يُقال لها دار مروان، وكانت دار العباس حديدها، وهي التي في دار مروان إلى مسجد رسول الله ، وهي دار الإمارة، وأقطع العَبَّاسَ دارَه الأخرى التي بالسوق؛ في الموضع الذي يُسمَّى مَجزرة ابن عباس.

ولما كَثُر المسلمون في عهد عمر رضوان الله عليه ضاقَ بهم المسجد، فاشترى عمر رضوان الله عليه ما حول المسجد من الدُّور؛ إلَّا دارَ العبَّاس وحُجَرَ أمهات المؤمنين، فقال عمر رضوان الله عليه للعباس: يا أبا الفضل، إن مسجد المسلمين قد ضاق بهم، وقد ابتعتُ ما حولَه من المنازل، نُوسِّع به على المسلمين في مسجدهم، إلَّا دارك وحُجَر أمَّهات المؤمنين فلا سبيلَ إليها، وأمّا دارُك فبعنيها بما شئتَ من بيتِ المال، فقال العباس: ما كنتُ لأفعلَ ذلك، فقال عمر رضوان الله عليه: اختَرْ منّي إحدى ثلاث: إما أن تبيعها بما شئتَ من بيت المال، وإما أن أُخَطِّطَك حيث شئتَ من المدينة، وأبنيها لك من بيت المال، وإما أن تتصدَّق بها على المسلمين، فقال: لا واحدة منها، فقال عمر رضوان الله عليه: اجعل بيني وبينك مَن شئتَ، فقال: أُبيّ بن كعب.

فانطلقا إلى أبيّ، وقصّا عليه القصة، فقال أبي: إن شئتُما حَدَّثتُكما بحديثٍ سمعتُه من رسول الله قالا: حدِّثنا، فقال: سمعتُ رسولَ الله يقول: "أوحى الله إلى داود: ابنِ لي بيتًا أُذكَر فيه، فَخَطّ له هذه الخِطّة؛ خطبة بيت المقدس، فإذا تَربيعُها يُزَوِّيه بيت رجلٍ من بني إسرائيل، فسأله داودُ أن يبيعه إياه فأبى، فحدَّث داود نفسه أن يَأخذَه منه، فأوحى الله إليه يا داود، أمرتُك أن تبنيَ لي بيتًا أُذكَرُ فيه، فأردتَ أن تُدخِلَ في بيتي