وأمّا كَثير بن العبَّاس فروى عن أبيه وغيره، وكان فقيهًا صالحًا قليلَ الحديث، وليس له عَقِب، روى عنه الزُّهريّ وأبو حازم الأعرج، وكان يَسكن على فراسخ من المدينة بالمعرَّس، ثم يأتي يوم الجمعة إلى المدينة، فيَنزل دار أبيه العباس ﵁، فيُصلّي الجمعة ثم يَنصرف، وكانت وفاتُه بيَنْبُع.
ولما احتُضر كتب على كَفَنه: كَثير بن العباس يشهد أن لا إله إلّا الله. وولد كَثير: يَحْيَى بنَ كَثير، وأمُّه أمُّ كلثوم بنت علي ﵇، وهي الصغرى، دَرَج، ووَلدَ الحسنَ بنَ كثير، دَرَج.
وأمَّا الحارث بن العبَّاس فأمُّه حُجيلة بنت جُنْدب بن الرَّبيع بن عامر، هُذَليَّة، وقيل: لأمِّ وَلَد، ويُلَقَّب أبا عَضَل، وكان العباس ﵁ قد وَجَد عليه، فلحق بالزُّبير بن العوَّام ﵁ وهو في بعض مَغازيه بمصر، فكلَّمه فيه فرضي عنه، وذهب بصرُ الحارث بعدما ذهب بصرُ العباس، فقال: أنتم زعمتُم أنَّه ليس أبي؟! ها قد ضَعفتُ وقد عَميتُ كما عَمي.
ووَلَد الحارث عبدَ الله، وولد عبدُ الله السَّرِيَّ بنَ عبد الله، ووَلّاه أبو جعفر مكّة، وقيل: المدينة واليمامة، وكان جَوادًا مُمَدَّحًا، وأمُّ السَّرِيّ جمال بنتُ النُّعمان بن عمرو بن مَبذول، وقد مَدح السَّرِيَّ الفرزدقُ وابنُ هَرْمَة وحبيبُ بن شَوْذب وغيرهم، ولما عُزل عن اليمامة قال حَبيب بن شَوْذب:[من البسيط]
لقد يَروحُ إذا راحتْ ركائبُه … عن أرضِ حَجْرٍ وربِّ الكعبةِ الجُودُ
مَن كان يَضمن للسُّؤَّال حاجتَهم … ومَن يَقولُ إذا أعطاهم عُودوا
وأما بنات العباس ﵁: فأمُّ حَبيب من أمِّ الفضل، وهي لُبابَةُ الكُبرى، وليس للعباس ﵁ من أمّ الفضل ابنة غيرها.
قالت أمُّ الفضل: قال رسول الله ﷺ: "لو بلغتْ أمُّ حبيب وأنا حيٌّ لتزَوَّجتُها"، وتزوَّجها الأسود بنُ سفيان بن عبد الأسد المخزومي، وولدت له رزق ولُبَابَة.
وأمَّا صفية وآمنة فلأمّ ولد، وشقيقهما كَثير وتَمّام، تزوَّج صفيّة محمد بن عبد الله