ومات سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابنُ خمسٍ وسبعين سنة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين، وهو ابنُ ثمان وسبعين سنة، والأوّل أَثبت، وصلى عليه عثمان رضوان الله عليه، ومشى في جنازته إلى البقيع، وقيل: سعد بن أبي وَقاص، وقيل: علي، وقيل: الزُّبير ﵃.
لما أحدث عثمان ﵁ ما أحدث من تَأمير الأحداث من أهل بيته على الجِلَّة من الصّحابة ﵃؛ قيل لعبد الرحمن: هذا فِعلُك، فدخل على عثمان رضوان الله عليه، فعاتبه ولامه، وقال: إنّما قَدمتُك لتَسيرَ بسِيرة الشيخَين، وقد خالفتَهما وحابَيتَ أهلَ بيتك وأوطَأتَهم رقابَ المسلمين، فقال عثمان رضوان الله عليه: إن عمر كان قطع أقاربه في الله، وأنا أصلُ قرابَتي في الله، فقال له عبد الرحمن ﵁: على أن لا أكلّمَك أبدًا، فلم يُكلمه حتَّى مات.
ودخل عليه عثمان رضوان الله عليه عائدًا في مرضه، فحوَّل وَجهه إلى الحائط، ولم يُكلمه حتَّى مات.
قال إبراهيم: رأيتُ سعدَ بنَ مالك عند قائمتَي سريرِ عبد الرحمن وهو يقول: واجبَلاه.
قال [إبراهيم بن] سعد، عن أبيه: أنَّه سمع عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه يقول يوم مات عبد الرحمن: اذْهَب ابنَ عَوف فقد أدركتَ صَفوَها، وسَبَقْتَ رَنْقَها.
قال أبو الأسود: أوصى عبد الرحمن في السبيل بخمسين ألف دينار. وترك ألف بعير، وثلاثة آلاف شاةٍ بالنَقيع، ومئة فَرسٍ تُرعى بالنَقيع، وكان يَزرع بالجُرُف على عشرين ناضِحًا، فكان يدخل قوت أهله من ذلك سنة.
قال محمد بن عبد الرحمن بن عَوف: تُوفِّي عبدُ الرحمن، فكان فيما ترك ذَهَب قُطِع بالفؤوس؛ حتَّى مَجِلَتْ أيدي الرجال منه، وترك أربعَ نِسْوة، فأخرجت امرأة من ثُمنها ثمانين ألفًا.
قال صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن: أصابتْ تُماضر بنت الأصبغ الكلبي رُبُع الثمن، فأخرجتْ بمئةِ ألف، وهي إحدى الأربع.