للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال نَوفل بن إياس الهُذَليّ: كان عبدُ الرحمن لنا جليسًا، وكان نِعمَ الجليس، وإنه انقلب بنا يومًا إلى بيته، وأتانا بصَحْفَة فيها خُبز ولحم، فلما وُضعت بكى، فقلنا له: يا أبا محمد، ما يُبكيك؟ فقال: قُبِض رسول الله ولم يَشبع هو وأهلُه من خُبزِ الشّعير، ولا أُرانا أُخِّرنا لما هو خيرٌ لنا.

وكان عبد الرحمن لا يُعرف [من بين] عبيده.

قال الحسن: كان عبد الرحمن بن عوف رجلًا شَرِيًّا، فاستأذن رسول الله في قميص من حرير، فأذِن له.

قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: شكا عبد الرحمن إلى رسول الله كثرةَ القَملِ وقال: يا رسول الله، تأذنُ لي أن ألبسَ قميصًا من حرير؟ فأذِن له، فلما تُوفِّي رسولُ الله وأبو بكر وقام عمر أقبل بابنه أبي سلمة وعليه قميص من حرير، فقال عمر: ما هذا؟ ثم أدخل يده في جيب القَميص فشَقَّه إلى أسفله، فقال له عبد الرحمن: أما علمتَ أن رسول الله أحَلَّه؟ فقال: إنما أحلَّه لك؛ لأنك شكوتَ إليه القَمل، أمّا لغيرك فلا.

وكان عبد الرحمن يَلبَسُ البُرْدَ أو الحُلَّةَ تُساوي خمسَ مئة أو أربعَ مئة.

قال المِسوَر: لما وَلي عبد الرحمن الشُّورى كان أحبُّ النَّاس إليَّ أن يَليَه، فإن تركه فسعد بنُ أبي وقّاص، فلحِقَني عمرو بن العاص، فقال: ما ظنُّ خالك بالله إن وَلّى هذا الأمرَ أحدًا وهو يعلم أنَّه خيرٌ منه؟ ققال لي ما أحبُّ، فأتيتُ عبد الرحمن، فذكرتُ له ذلك فقال: مَن قال لك ذلك؟ قلتُ: لا أُخبرك، قال: لئن لم تُخبِرني لا أُكلّمك أبدًا، فقلت: عمرو بنَ العاص، فقال عبد الرحمن: والله لأنَّ تُؤخَذَ مُدْيَةٌ، فتُوضَعَ في حَلْقي، ثم يُنفَذَ بها إلى الجانب الآخر؛ أحبّ إليَّ من ذلك.

ذكر وفاته: قال إبراهيم بن عبد الرحمن: أُغمِيَ على عبد الرحمن، ثم أفاق فقال: أغُشِي عليَّ؟ قالوا: نعم، قال: فإنَّه أتاني مَلَكان أو رجُلان [فيهما فَظاظةٌ وغِلظة، فانطلقا بي، ثم أتاني رجلان أو مَلكان] لم أر أرأفَ منهما وأرحم فقالا: أين تُريدان به؟ قالا: إلى العزيز الأمين، قالا: خَليا عنه؛ فإنَّه ممّن كُتبت له السعادة وهو في بطن أمه.