إن لكلِّ أميرٍ وُزراء، وقد طلبوا مني عَزْل عُمّالي، والرّجوع عما يكرهون إلى ما يُحبُّون، فأشيروا عليّ.
فقال له ابنُ عامر: أرى أنك تَأمُرُهم بالجهاد لتَشغَلَهم عنك، وقد نَقَموا عليك مَنعَ المال، فأعطهم إياه، فقال سعيد بن العاص: إن كنتَ على رأينا فاحسم عنك الداء، [واعمل برأيي تُصِبْ] قال: وما هو؟ قال: لكلّ قومٍ قادة، فمتى يَهلكوا تفرّقوا، فلم يجتمع لهم رأي ولا أمر.
وقال معاوية: أرى أن تَخرج إلى الشام، فقال: لا أخرج من مُهاجَر رسول الله ﷺ وجِواره، قال: فأبعثُ إليك جيشًا يُقيم عندك، قال: لا أكون أول مَن وَطِئ أصحابَ رسول الله ﷺ وأنصارَه بجيش.
وقال ابن أبي سَرْح: اشْغَلِ القوم بالعَطاء تَستعطِفْ قلوبَهم.
وقال عمرو بن العاص: إنك قد ركبتَ النَّاس بما يكرهون، فإما اعتدَلْتَ وإما اعتزلتَ، فقال له: قد قَمِلَ فَرْوُك، يعني من عَزْلِه إياه عن مصر، فقال له عَمرو: ستَعلم، فردّ عثمان رضوان الله عليه عُمَّاله إلى أمصارهم على تَجمِير النَّاس في البُعوث، وقيل رَدَّهم على غير شيء.
قال أبو اليَقظان: لما اجتمع عند عثمان رضوان الله عليه عُمَّالُه هؤلاء اتفقوا على نَفْيِ المشنِّعين عليه في الأمصار، وتَجميرهم في البعوث، ومنع أعطيتهم، والتَّضييق عليهم.
وكان الأشتَر ورؤساءُ الكوفة قد قدِموا على عثمان رضوان الله عليه يَشكون سعيد بنَ العاص، وسألوه عَزلَه عنهم فامتنع، وكان الأشتر حينئذ بالمدينة، فجاء هو وأصحابُه إلى طلحة والزبير ﵄، وكان عندهما عمرو بنُ العاص وقد حضر المشورة، فقال له الأشتر: ما وراءه؟ فقال: ما ترك شيئًا من الشرِّ إلَّا وأمر به أمراءه، إنه قد أمرهم بتَجميركم في البُعوث، ومَنعِ أعطيتكم، والتّضييق عليكم، فقال الأشتر: لو كان معي نَفَقة لسبقتُ سعيد بنَ العاص إلى الكوفة، فمنعتُه من دُخولها، فأقرضه طلحة مئةَ ألف درهم، والزبير كذلك، فقسم المال في أصحابه، وسبق سعيدًا إلى الكوفة، فصعد المنبر وقال: إن عاملكم الذي شكوتُم سُوءَ سيرته قد رُدَّ إليكم، وقد اتَّفق عثمان وعُمَّالُه