على كذا وكذا، فبايعوني على أن لا يَدخُلها ابنُ العاص، فبايعه منهم عشرةُ آلاف.
وخرج سعيد من المدينة طالبًا الكوفة، فخرجوا إليه فرَدُّوه، وقالوا: والله لا وليتَنا ما حَملْنا سيوفَنَا، وتقدَّمهم الأشتر وقد تَقلد سيفَه، وعلى وجهه الغُبار وهو يقول: والله لا يَدخلها علينا، وقتلوا غُلامَه، ونهبوا مَتاعَه، وكاد يُقتل، فرجع إلى عثمان رضوان الله عليه خائفًا طريدًا، فشقَّ ذلك على عثمان رضوان الله عليه.
ولما عاد سعيد إلى المدينة قال عثمان رضوان الله عليه: ليت شِعري ما يُريدون؟ قال سعيد: الاستبدال، وكتب أهل الكوفة إلى عثمان رضوان الله عليه: إنّا ما مَنَعْنا عاملَك دخولَ مِصرنا مُخالفةً لك؛ وإنَّما مَنعناه لسُوءِ سِيرته، فابعَثْ إلى عملك مَن تُريد، فكتب إليهم: اختاروا، فاختاروا أبا موسى وقالوا: إنه كان عامِلَنا في أيَّام عمر، فبعث به إليهم.
وقال: لما قدم أبو موسى الكوفة خطب وقال: أيها النَّاس، لا تعودوا لمثلها، وعليكم بالطّاعة، ولُزوم الجماعة، وإياكم والعَجلة فإنَّها من الشَّيطان.
ولما دخلت سنةُ أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله ﷺ بعضُهم إلى بعض: إن أردْتُم الجهادَ الأكبر فاقدموا علينا فإنَّه عندنا، فإن عثمان قد بدَّل وغيَّر.
وكثر النَّاس على عثمان رضوان الله عليه، ونالوا منه أقبحَ مَنال، والصحابةُ يَرون ويَسمعون، وليس أحدٌ منهم يَنهى عن ذلك، إلَّا نفرٌ منهم زيد بن ثابت، وأبو أسَيد السَّاعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع النَّاس إلى علي رضوان الله عليه، فسألوه أن يُكلِّمَه، فدخل عليه فقال له: النَّاسُ قد كثروا عليك، وإنهم ورائي، ووالله ما أدري ما أقول، وما أعرفُ شيئًا تَجهلُه، ولا أدُلُّك على أمر [لا] تَعرِفُه، وقد صَحِبتَ رسولَ الله ﷺ ونِلتَ صِهرَه، وما ابنُ أبي قُحافة وابن الخطاب بأولى بعملِ الحقِّ منك، وأنت أقرب إلى رسول الله ﷺ رَحِمًا منهما، ونلتَ من صهره ما لم يَنالا، وما سَبَقاك إلى شيءٍ، فاللهَ اللهَ في نفسك، فإنَّك لا تُبصَّر من عَمَى، ولا تُعلَّم من جَهل، وإن الطَّريق لَوَاضِحٌ، وإن أعلامَ الدِّين لَقَائمةٌ، وأفضلُ عباد الله عند الله إمامٌ عادل؛ أقام سُنَّة وأمات بِدعة، وإن شرَّ النَّاس عند الله إمام جائر، أمات سُنَّة وأحيا بِدعة.
فقال له عثمان رضوان الله عليه: قد والله كنتُ أظنّ أنك لَتَقولَنَّ ما قُلتَ، ولو كنتَ