للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له المغيرة: اعزل من شِئتَ، واستَبْق من شئت، وفي رواية: اعزل من شئت واستبق معاوية، فلم يقبل، وكذا أشار عليه ابن عباس فامتنع.

وفي رواية أن ابن عباس قال لعلي: ألم تسمعْ رسول الله يقول: "الحربُ خَدْعَة" (١)، فقال: والله لأَصدُرنَّ بهم بعد وُرود، ولأَترُكنَّهم يَنظُرون في دُبُر الأمور، ثم لا يَعرفون ما كان منها، فقال له ابن عباس: ستعلم.

وفي رواية الطبري: فقال علي: يا ابنَ عباس، لستُ من هناتك وهنات معاوية في شيءٍ، أنت تُشير علي وأنا أرى، فإذا عصيتُك فأطِعني، فقال له ابن عباس: إن أيسَرَ ما لك عندي الطاعة (٢).

ذكر دخول الأشعث بن قيس عليه:

حكى أبو اليقظان، عن الأشعث قال: دخلتُ على أمير المؤمنين بعدما بويع بالخلافة، فقلتُ له: أَبْقِ معاوية على الشام، فإن عمر ولَّاه مُدَّةَ خلافتِه، وولّى طلحةَ البصرة، والزبير الكوفة، ثم بعد ذلك أنت بالخيار فيهم، فامتنع علي، قال أبو اليقظان: فخرج الأشعث وهو يقول: [من الطَّويل]

نصحتُ عليًّا في ابن هنْدٍ مقالةً … فردَّتْ ولا يسمع لها الدهر ثانيه

وقلتُ له أرسلْ إليه بعهده … على الشام حتَّى يستقرّ معاويه

فتحكم فيه ما تراه فإنَّه … لَداهيةٌ فارفِقْ به أي داهِيه

فلم يَقبل النُّصحَ الذي جئتُه به … وكانت له تلك النصيحةُ كافيه (٣)

وقال الواقدي: ولما ولي علي الخلافة انتزع إقطاعات كان أقطعها عثمان لبني أميَّة وغيرهم، ورَدَّها في بيت المال، وقسم ما كان في بيت المال، ولم يُفضّل أحدًا على أحد، وأول من أجاب إلى بيعته أهل الكوفة ومصر.

وفي هذه السنة سار قُسْطنطين بن هرقل ملك الروم من بلاده قاصدًا بلاد الإسلام فغرق.


(١) أخرجه أحمد (٦٩٧) من حديث علي، والبخاري (٣٠٢٧) و (٣٠٣٠)، ومسلم (١٧٣٩) و (١٧٤٠) من حديث أبي هريرة وجابر.
(٢) تاريخ الطبري ٤/ ٤٤١.
(٣) في مروج الذَّهب ٤/ ٣٤٢ أن الشعر للمغيرة.