للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في سنةٍ مَرَّتين ولم يَخرُج، قال: فقدموا حتى حصروا عثمان.

وروى ابن سعد، عن الواقدي، عن أشياخه: أن عثمان أنكر أن يكون كتب الكتاب، أو أرسل ذلك الرسول، وقال: فُعل ذلك دوني (١).

وقال محمد بن السائب الكلبي، وروى الطبري طرفًا من ذلك، عن أشياخه قالوا: لما صار القوم بظاهر المدينة خرج إليهم عثمان بنفسه، وكره أن يدخلوا عليه المدينة، فأتاهم فسلَّم عليهم، فدَعَوا بالمصحف فقالوا: افتح السابعة (٢) -يعنون سورة يونس، وكانوا يُسمّونها بذلك- وقالوا: اقرأ: ﴿قُلْ أَرَأَيتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾ فلما قرأها ووصل إلى قوله ﴿أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [٥٩] قالوا: قف، فوقف، فقالوا: أرأيتَ ما حَميتَ من الحِمى، وما فعلتَ وفعلتَ، وعَدُّوا أفعاله، منها: إتمامُه الصلاةَ بمنى، وردُّ عمِّه الحكم بن أبي العاص إلى المدينة، واستعمالُه الأحداث من بني أمية، وإعطاؤه مروان خُمس إفريقية، وإحراقُه المصاحف، ونفيُه أبا ذرّ وابنَ مسعود وعامر بنَ عبد قيس، وضربُه لعمار وابن مسعود، وصعودُه إلى مكان رسول الله ونحو ذلك- ثم قالوا: الله أذِن لك في هذا أم على الله تفتري؟! فاعتذر إليهم، واستغفر الله، وأخذ رؤساءهم، ودخل المدينة فقام خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

والله ما رأيتُ وفدًا خيرًا من وَفدنا هؤلاء، أما كوني صليتُ بمنى أربعًا؛ فإنه كان لي أهلٌ بمكة، وأما كوني حميتُ الحِمى؛ فقد حماه عمر قبلي، وأما كوني رددتُ عَمِّي الحكم؛ فقد كان رسول الله وَعَدني برَدِّه في مرضه الذي تُوفّي فيه، فشهدتُ عند أبي بكر فقال: إنك شاهد واحد، ولا تُقبل شهادةُ الواحد، ثم قال لي عمر كذلك، فلما صار الأمر إليّ قضيتُ فيه بعلمي، ولي أن أفعل ذلك.

وقولهم: استعملتُ الأحداث، فقد استعمل رسول الله عَتَّاب بن أَسيد على مكة وهو ابن عشرين سنة، واستعمل زيد بن حارثة وابنه أسامة وهما صبيان، وأعطيت


(١) الخبران في طبقات ابن سعد ٣/ ٦٢ - ٦٣.
(٢) وكذا في تاريخ دمشق (عثمان) ٣٢٧، وفي الطبري ٤/ ٣٥٤: التاسعة.