فأما يزيد بن أَسَد فلما وصل وادي القُرى بلغه قتل عثمان فرجع، وأما مُجاشع فلما وصل إلى الرَّبَذَة، ونزلتْ مُقدّمته عند صِرار، أتاه قَتْلُ عثمان فرجع.
وكان جماعةٌ من الصّحابة والتابعين يُحرِّضون الناس على نُصرة عثمان والذَّبِّ عنه، منهم بالكوفة: عُقبة بن عامر، وعبد الله بن أبي أوفى، وحَنظلة بن الربيع التميمي، في خلق من الصحابة، ومن التابعين أصحاب عبد الله بن مسعود: مسروق بن الأجدَع، والأسود بن يزيد، وشُريح القاضي وغيرهم، وكانوا يمشون على المجالس ويقولون: انهضوا لنَصْر خليفتكم وعصمةِ أمركم، وبالبصرة عمران بن الحصين وأنس بن مالك وأمثالهما من الصحابة، ومن التابعين: كعب بن سُور وهَرِم بن حَيَّان العبدي وأشباههما، وبالشام عبادة بن الصامت وأبو الدرداء وغيرهما، ومن التابعين أيضًا أبو مسلم الخولاني وعبد الرحمن بن غَنْم وغيرهما، وبمصر خارجة وأمثاله.
وقال ابن سعد بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: لما نزل المصريون بذي خُشُب دعا عثمان محمد بن مَسلمة وقال: اذهب إليهم فاردُدْهم عني وأعطهم الرضى، وأخبرهم أني فاعلٌ وفاعلٌ بالأمور التي طَلبوا، ونازع عن كذا وكذا للأمور التي تكلَّموا فيها، فركب محمد بن مسلمة إليهم إلى ذي خُشُب، وأرسل معه عثمان خمسين فارسًا من الأنصار، وقال جابر: أنا فيهم.
وكان رؤساؤهم أربعة: عبد الرحمن بن عُدَيس البَلَوي، وسُودان بن حُمْران المرادي، وابن البَيَّاع، وعمرو بن الحَمِق الخُزاعي، وقد كان الاسم غلب محليهم، حتى كان يقال: جيشُ ابنِ الحَمِق.
فأتاهم محمد بن مسلمة فقال: إن أمير المؤمنين يقول كذا وكذا، وأخبرهم بقوله، فلم يزل بهم حتى رجعوا، فلما كانوا بالبُوَيب رَأَوا جملًا عليه مِيسَمُ الصَّدَقة، فأخذوه، فإذا غلامٌ لعثمان، فأخذوا مَتاعَه ففتَّشوه، فوجدوا فيه قَصَبةً من رَصاص، فيها كتاب في جَوفِ الإداوة في الماء: إلى عبد الله بن سعد أن افعل بفلان كذا، وبفلان كذا وكذا، من القوم الذين شرعوا في عثمان، فرجع القوم ثانيةً حتى نزلوا بذي خُشُب، فأرسل عثمان إلى محمد بن مَسلمة أن: اخرُج فاردُدْهم عني، قال محمد: لا أكذب