للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكور -والكتاب بخطّ مروان- فعادوا إلى علي، فدخل علي وطلحة والزبير على عثمان، فقالوا: ما هذا؟ فأنكر، فقال: العبدُ عَبدُك، والبعير بعيرُك، والكتاب بخطِّ كاتبك، والختم خاتمك، فإن كنتَ فعلتَ فاعترف، فقال: والله ما عَلِمتُ به، فقالوا: فسلّم إليهم مروان، فأبى، فقاموا من عنده، ولَزِموا منازلَهم حنقًا عليه.

وقال هشام: وكان في الكتاب: واذبحْ محمد بنَ أبي بكر، واحشُ جلدَه تبنًا.

وقال له المصريون: يا عثمان قد حلفتَ لنا ونكثتَ وأنكرتَ، وقد وجب خلعُك وقتلُك؛ لأنه لا يَخلو إما أن تكونَ كاذبًا أو صادقًا، وقد ذكرناه.

وقال سيف بن عمر عن أشياخه: ولما جاءت الجمعة التي على أثر نُزولِ الجموع حول المدينة، وقد دخل منهم جماعةٌ إلى المسجد، ونزلوا حوله، خرج عثمان، فصعِد المنبر فقال: يا هؤلاء العِدى، اللهَ اللهَ، إن أهل المدينة ليَعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد ، فامحوا الخطايا بالصَّواب فإن الله لا يَمحو السِّيِّئَ إلا بالحَسَن.

فقام محمد بن مسلمة فقال: أنا أشهدُ بذلك، فأخذه حُكَيم بن جَبَلة فأقعده، وقام زيد بن ثابت فثار إليه محمد بن أبي قُتَيرة فأقعده، وثار القوم بأجمعهم، فحَصَبوا عثمان حتى وقع عن المنبر مَغشيًّا عليه، وحَصَبوا الناس فأخرجوهم من المسجد، واحتُمل عثمان فأُدخل دارَه، وتفرَّق الناس من أهل المدينة في حيطانهم، ودخل علي وطلحة والزبير والصحابة على عثمان يَعودونه من صَرعته، وعزم قومٌ على القتال، منهم: سعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، والحسن بن علي، فأرسل إليهم عثمان يَنهاهم فكَفُّوا.

وقال سيف: صلّى بهم عثمان عشرين يومًا، ثم مَنعوه من الصّلاة.

وفي رواية سيف أيضًا عن محمد وطلحة وأبي حارثة قالوا: صلّى عثمان بالناس ثلاثين يومًا بعدما نزل القوم في المسجد، ثم مَنعوه الصَّلاةَ، وصلَّى بالناس أميرُ المصريين الغافقي، وتفرَّق أهلُ المدينة في حيطانهم، ولزموا بيوتَهم، لا يَخرج أحدٌ منهم ولا يَجلس ولا يَمشي إلا وعليه سيفُه خوفًا على نفسه، وكان الحصار الأوَّل عشرين يومًا، والحصار الأخير أربعين يومًا.

وحكى الواقدي عن أشياخه، منهم: عبد الله بن جعفر، حدَّثه عن أبي عَوْن مولى