للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد: حدثنا إسماعيل بن أبان الوَرَّاق، بإسناده عن ابن أَبْزى، عن عثمان بن عَفَّان قال: قال لي عبد الله بن الزبير: إنّ عندي نجائبَ أعدَدْتُها لك، فهل لك أن تتحوَّلَ إلى مكة فيَأتيك مَن أرادَ أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعتُ رسولَ الله يقول: "يُلحِد بمكة كَبْشٌ من قُريشٍ، اسمُه عبد الله، عليه مِثلُ نصفِ أوزارِ الناس" (١).

ذكر ما قالوا لعثمان في خلْعه وما قال لهم:

قال ابن سعد بإسناده عن نافع، عن ابن عمر قال: قال لي عثمان وهو مَحصورٌ في الدار: ما ترى فيما أشار به عليَّ المغيرةُ بنُ الأخنس؟ فقلت: وما الذي أشار به؟ قال: قال لي: إن هؤلاء القوم يُريدون خَلعي، فإن خَلَعْتُ تركوني، وإن لم أخلَع قتلوني، قال: فقلتُ: أرأيتَ إن خَلَعْتَ تُتْرَك مُخَلَّدًا في الدنيا؟ قال: لا، قلتُ: فهل يَملكون الجنةَ والنّار؟ قال: لا، قلتُ: أرأيتَ إن لم تَخْلَع هل يَزيدون على قتلك؟ قال: لا، قلتُ: فلا أرى أن تَسُنَّ هذه السُّنَّةَ في الإسلام، كلما سَخِط قومٌ على أميرهم خَلَعوه، لا تَخْلَع قميصًا قَمَّصَك الله.

وروى ابن سعد عن عثمان أنهم كانوا يَدخلون عليه وهو مَحصور، فيقولون: اعتزِلْنا، فيقول: لا أَنزِعُ سِربالًا سَرْبَلَنيه الله ﷿، ولكن أَنزِعُ عما تكرهون.

قال ابن سعد بإسناده عن عبد الرحمن بن جُبير قال: قال رسول الله لعثمان: "إنْ كساك الله يومًا سِربالًا، فأرادك المنافقون على خَلْعه فلا تَخْلَعْه لظالم".

وقال ابن سعد بإسناده عن أبي سَهْلة مولى عثمان، قال: قال رسول الله في مرضه: "وَدِدْتُ أنّ عندي بعضَ أصحابي"، فقالت عائشة: فقلتُ: يا رسول الله، أدعو لك أبا بكر؟ فسكتَ، فعرفتُ أنه لا يُريده، فقلتُ: أَدْعُو لك عمر؟ فسكتَ، فعرفتُ أنه لا يُريده، فقلتُ: أدعو لك عثمان بن عفان؛ قال: "نعم"، فدعوتُه، فلما جاء أشار إليَّ


(١) مسند أحمد (٤٦١) وإسناده والذي قبله ضعيف، ومتنه منكر، وانظر الكلام عليهما في المسند.
وجاء في هامش (خ) ما نصه: أنا أتعجب من أمره غاية العجب، فإني ما رأيتُ كتابًا فيه تفصيل قصة عثمان إلا وقد كتب فيه أنه كلما عُرض عليه من أمر الحرب شيء يمنعه غاية المنع، حتى نقل عنه نقلًا مستفيضًا أنه قال يومًا لعبيده وقد رأى بعضهم يريد القتال: مَن ألقى سلاحه فهو حرّ، ومع هذا فقد أجمع أهل التاريخ أن عثمان كتب إلى عماله بإرسال الجيوش إليه، وقد ذكر في هذا الكتاب أيضًا في مواضع كثيرة.