ثم قرأت: ﴿لَا خَيرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَينَ النَّاسِ﴾ [النساء: ١١٤]، فالنهوض في الإصلاح مما أمر الله به ورسوله، فهذا شأنُنا الذي قدمنا له؛ نامركم بمعروفٍ ونحضُّكم عليه، وننهاكم عن مُنكرٍ ونحُثّكم على تغييره والسلام.
قال سيف: فخرجا من عندها، فأتيا طلحة فقالا: ما أقدمَك؟ قال: الطلبُ بدم عثمان، قالا: ألم تُبايع عليًّا؟ قال: بلى واللُّجُّ على عُنقي -يعني السيف- وما أستقيلُه البيعة إن خلّى بيننا وبين قَتَلة عثمان، فقالا له: أتركتم قتلةَ عثمان بالمدينة، وقصدتُم العراقَ لإفساده وتوهينِ أمر أمير المؤمنين؟! أما تستحيون من هذا الفعل، وتخافون الله، ألستم المهاجرين وأصحابَ رسول الله ﷺ؟.
ثم انصرفا عنه وأتيا الزبير، فقالا له مثلَ ما قالا لطلحة، وردُّوا عليه مثل ما ردوا على طلحة، ثم رجعا إلى عائشة فودعاها، وقالا لها مثلَ ما قالا لطلحة والزبير، فودَّعت عمران، وقالت عائشة: يا أبا الأسود، إياك أن يَقودَك الهوى إلى النار، فقد قال الله: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ الآية [لنساء: ١٣٥] فقال لها أبو الأسود: لو اتّعظتِ بما وعظتيني للزمتِ بيتَك أو منزلك، ولم تهتكي لرسول الله ﷺ سترًا، وقد عرفتِ محلَّك منه، وموضعَك من قبله، وقد أدَّبك بأحسن ما أدَّبَه الله به، ألم يأمركنَّ الله يا أزواج رسول الله بالقرار في البيوت؟ فقال: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣]، فقالت: اغرُبا عني، فخرجا من عندها، ونادت بالرّحيل.
ومضى عِمران وأبو الأسود إلى عثمان بن حُنَيف، فبَدَر أبو الأسود عمران فقال:[من الرجز]