للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى طلحة والزبير، أما بعد، فقد علمتما أني لم أُرد البيعةَ حتى أكرهتُ عليها، وأنتما ممن رَضي ببيعتي، وألزمني إياها، فإن كنتما بايعتما طائعَيْن فتوبا إلى الله، وارجعا عما أنتما عليه، وإن كنتما بايعتما مُكرَهَين فقد جعلتما لي السبيلَ عليكما بإظهاركما المعصية، وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين، وأنت يا زبير فارس قريش، لو دفعتما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه لكان أوسع لكما من خروجكما منه، والسلام.

وأما كتاب عائشة فكان فيه: أما بعد، فإنك قد خرجتِ من بيتك عاصية لله ولرسوله، تطلبين أمرًا كان عنك موضوعًا، ثم تزعمين أنك تُريدين الإصلاح بين المسلمين، فخَبِّريني ما للنساء وهنَّ عورات وقَوْد الجيوش، والبروز للرجال؟! وطلبتِ بزعمك دمَ عثمان، وعثمان رجلٌ من بني أمية، وأنت من بني تميم، ثم بالأمس تُؤلّبين عليه، وتقولين في ملأ من أصحاب رسول الله : اقتلوا نَعْثلًا فقد كفر، قتله الله، واليوم تطلبين بثأره؟! فاتقي الله، وارجعي إلى بيتك، وأسبِلي عليك سترك قبل أن يَفضحك الله، ولا حول ولا قوَّةَ إلا بالله العلي العظيم. ولما قرؤوا الكتابين لم يكن لهم جواب، وعرفوا أنه الحق فسكتوا.

وقال أبو اليقظان: ولما قَرُبَ أمير المؤمنين من البصرة خرج إليه شيعته منها، وهم ثلاثة آلاف، وكان شقيق بن ثَوْر السَّدوسي على بكر بن وائل، وعمرو بن مَرْجوم على عبد قيس، واجتمع بعضُ القبائل إلى طلحة والزبير كضبَّة والرِّباب وعامر وباهلة، وكان على ضَبَّةَ والرِّباب هلال بن وكيع بن بشر بن عُدس، قُتل يوم الجمل، وكان رئيسُ الأزد صَبْرة بن شَيْمان الحُدَّاني، نهاه كعب بن سُور فلم يَنته، فقُتل يوم الجمل أيضًا.

ورتّب أمير المؤمنين الجيوش، فجعل على الميمنة عبد الله بن عباس والأشتر وهو مالك بن الحارث النخعي، وعلى الميسرة عمر بن أم سلمة وعمار بن ياسر، وعلى الرَّجَّالة أبا قتادة النعمان بن ربعي الأنصاري، وأعطى الراية العُظمى ولدَه محمد بن الحنفية، وقيل: إنما كان يوم الجمل على الترتيب الذي خرج به من المدينة، ورتب القبائل من أهل الكوفة والبصرة على مراتبها، وأقام كلَّ قبيلة في منزلتها.

ثم خطب الناس فقال: إني قد كتبتُ إلى هؤلاء القوم، وناشدتُهم الله في دماء هذه