للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا ربِّ إن مُسلمًا أتاهُمُ

يَتلو كتابَ الله لا يَخشاهمُ

فخَضَّبوا من دمه لِحاهُمُ

وأُمُّه قائمةٌ تَراهُمُ (١)

وقال أبو اليقظان: وقف عمار بين الصفَّين وصاح: ما أنصفتُم نبيكم حين أبرزتُم عَقيلَتَه للسيوف، وصُنْتُم حَلائلَكم عن الحُتوف، ثم دنا من هودج عائشة وقال: ما الذي تَطلبين؟ فقالت: دَمَ عثمان، فقال: خذل الله اليوم الباغي منا.

قال علماء السير: ثم اقتتلوا قتالًا لم يَجْرِ في جاهلية ولا إسلامٍ مثلُه.

فحكى سيف، عن فِطر بن خليفة، عن أبي بشير قال: شهدتُ الوَقعة، فوالله ما سمعتُ دقّ القصَّارين إلا ذكرتُها.

وقال الواقدي: كان زِمامُ الجمل بيد كعب بن سُور، فقالت عائشة: خلِّ عنه، وادعُهم إلى كتاب الله، وناولتْه مصحفًا، فنشره وصاح: هذا كتاب الله، فاستقبلتْه السَّبئية فقتلوه.

قال الزهري: ما شوهِدت وقعةٌ مثلها، فَني فيها الكُماة من فُرسان مُضَر، وما كان يَأخذ زِمام الجمل إلا مَن هو مَعروف بالشجاعة، وما أخذه أحدٌ إلا قُتل أو أُصيب، حمل عليه عديُّ بن حاتم، ولم يبق إلا عشرة، ففُقِئت عينُ عدي.

وحكى الطبري عن الزهري قال: أخذ عبد الله بن الزبير بخِطامه، فقالت عائشة: مَن هذا؟ قالوا: ابنُ الزبير، فقالت: واثُكلَ أسماء (٢).

واجتمع بنو ضَبَّةَ حول الجمل، وقاتلوا دونه قِتالًا لم يُسمع بمثله، قُطِعت عنده ألفُ يد، وقُتل عليه ألفُ رجلٍ منهم، وكان بين يديه وسيم بن عمرو الضبِّي يَرتجز بهم، وهم يقولون مثلَ قوله:


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٥١١ - ٥١٢، ومروج الذهب ٤/ ٥١٤، وأنساب الأشراف ٢/ ١٧٠ - ١٧١.
(٢) تاريخ الطبري ٤/ ٥٠٩.