للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سيف: فوالله ما بَقي يومئذ أحدٌ من بني عامر شيخ إلا وأُصيب قُدَّامَ الجمل.

وحكى الطبري عن أبي رجاء قال: بينما أنا أمشي يوم الجمل، إذا برجل يَفْحَصُ برجليه ويقول: [من الطويل]

لقد أورَدَتْنا حَوْمةَ الموت أُمُّنا … فلم نَنْصرف إلّا ونحن رِواءُ

أطعْنا قُريشًا ضَلَّةً من حُلومنا … ونُصرتنا أهلَ الحجازِ عَناءُ

من أبيات، قال: فقلتُ له: قل لا إله إلا الله، فقال: من أين أنت؟ فقلتُ: من أهل الكوفة، فقال: في أُذني ثِقَل ما أسمع ما تقول، ادْنُ مني، فدنوتُ منه، فوثب على أُذني فاصطَلَمها وقال: إذا أتيتَ أُمّك فقل لها: عُمير بن الأهلَب فَعل بي هذا (١).

وقيل: إن أمَّ هذا المقتول قُتل لها ابنٌ آخر، فلما مَرَّت بهما، ورأتهما قتيلين قالت: [من المتقارب]

شهدتُ الحروبَ فشَيَّبْنني … فلم أرَ يومًا كيوم الجَملْ

أمَرَّ على مُؤمنٍ فتنةً … وأقْتلَه لشجاعٍ بَطَلْ

فليت الظَّعينةَ في بيتها … وليتك عَسْكَرُ لم تُرتحل

عسكر اسمُ جمل عائشة (٢).

وقال أبو اليقظان: مَرّوا على صبيٍّ يَفْحَصُ برجليه وقال: أنا قَتيلُ المرأة التي أرادت أن تكون أمير المؤمنين.

وقال سيف عن محمد وطلحة: لما كان من آخر الليل خرج محمد بعائشة فأدخلها البصرة، وأنزلها في دار عبد الله بن خَلَف الخُزاعي، على صفية بنت الحارث بن طلحة، وهي أمُّ طَلْحة الطَّلْحات، وبكت عائشة بكاء شديدًا وقالت: وَدِدتُ أني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

قال هشام: واتفق أن أمير المؤمنين قال ذلك في ذلك الوقت، فخرج كلامُهما في وقتٍ واحد.


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٥٢٤.
(٢) مروج الذهب ٤/ ٣٣٢ - ٣٣٣.