للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنبأنا جدي بإسناده عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة أنها كانت تقول: لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت ولم أكن خرجتُ على علي، كان أحبّ إليّ من أن يكون لي من رسول الله عشرة من الولد؛ كلهم مثل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (١). وقد ذكرناه.

وفي الباب حديثان يَتعلّقان بهذا المعنى؛

أحدهما: أخرجه البخاري عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله تعالى بكلمةٍ سمعتُها من رسول الله أيام الجمل، بعد ما كدتُ أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتلَ معهم، وهي أنه لما بلغ رسول الله أن أهل فارس مَلّكوا عليهم بنت كسرى قال: "لن يُفلحَ قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة" (٢)، أشار إلى بُوران بنت كسرى؛ فإن الأمور اختلَّت في زمانها، فكذا كلُّ امرأةٍ تولَّت أمرًا تحتاج فيه إلى الإشهار والرأي، ولهذا إن المرأة لا تَلي إمامةَ الرجال، والإمارةَ، والجمعة، والموسمَ، والقضاءَ ونحوه، لأن مَبنى حالهنّ على السّتر.

والحديث الثاني: قال أحمد بإسناده عن أبي رافع مولى رسول الله قال: قال رسول الله لعلي: "سيكون بينك وبين عائشة أمرٌ"، فقال علي: أنا؟ قال: "نعم"، قال علي: فإذًا أنا أشقاهم، قال: "لا، ولكن إذا كان ذاك فاردُدْها إلى مأمنها" (٣). إلّا أن هذا الحديث ضعيف، ذكره جدي في "الواهية" (٤).

وذكر الزمخشري في كتاب "ربيع الأبرار" عن جُميع بن عُمير قال: دخلتُ على عائشة فقلتُ لها: مَن كان أحبَّ الناس إلى رسول الله ؟ فقالت: فاطمة، فقال: إنما سألتُكِ عن الرجال، فقالت: زوجُها، وما يَمنعُه، ولقد كان والله صوّامًا قوَّامًا، قال: فما حمَلَك على قتاله؟ فأرسلتْ خِمارها على وجهها وبكت، وقالت: أمرٌ قُضي (٥).

وذكر ابن عبد ربه في كتاب "العقد" وقال: قال المغيرة بن شُعبة: دخلتُ على عائشة


(١) المنتظم ٥/ ٩٥ - ٩٦.
(٢) صحيح البخاري (٤٤٢٥).
(٣) مسند أحمد (٢٧١٩٨).
(٤) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (١٤١٩)، وذكره في المنتظم ٥/ ٩٥.
(٥) ربيع الأبرار ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩.