مُعاويَ لله من خلقه … عباد قلوبُهم قاسيَهْ
وقلبُك من شرِّ تلك القلوب … وليس المطيعة كالعاصيه
دع ابنَ خُديج ودع حَوشبًا … وذا كَلعٍ واطلُب العافيه
فصاح معاوية: انصرف، أرسولًا جئتَ أو منفّرًا؟!
قال علماء السير: ولما نزل أمير المؤمنين النُّخَيلة استشار أصحابَه في المسير إلى صفّين، فأشار عليه قوم أن يُقيم ويَبعثَ الجيوش، وأشار عليه قوم بالمسير والمباشرة، وقدم عليه عبد الله بن عباس من البصرة بمَن نَفَر معه من أهلها.
وقال الواقدي: واستخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري، وكتب إلى عماله بالقدوم عليه، واستخلف ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدّيلي.
ولما تحقّق عزم أمير المؤمنين على المسير بلغ معاوية، فاستشار عمرو بن العاص، وقال له: قد أشار علي القوم بأن أبعث الجيوش وأقيم، فقال له: سِرْ بنفسك لئلا يَنسبكم إلى الجُبن والخَوَر والضّعف، فقال له معاوية: فقم فحرِّض الناس، وضَعِّف عليًّا وأصحابَه، فقام عمرو فقال: إن أهل العراق والبصرة مخالفون لعلي، قد قتلهم ووَتَرهم، وأفنى صناديدَهم وصناديدَ أهل الكوفة، وإنما سار في شِرذمةٍ قليلة منهم، وقد قتل خليفتَكم، فالله الله في دم عثمان أن تُضيّعوه، وحقكم أن تُبطلوه.
وعقد لولدَيه لوائين، ولغلامه وَرْدان، [وعقد عليٌّ لغلامه] قَنْبَر، وقال عمرو: [من الرجز]
هل يُغنيَنْ وَرْدانُ عنِّي قَنبَرا
وتُغنيَ السَّكونُ عنّي حميَرا
إذا الكماةُ لَبِسوا السَّنَوَّرا
وبلغ أمير المؤمنين فقال: [من الرجز]
لأصبِحنَّ العاص وابنَ العاص
سبعين ألفًا عاقِدي النَّواصي
مجتَنبينَ الخيلَ بالقِلاص