للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنبياء، ومَخرجُه من الحرم، ومُهاجَرُه إلى نَخْلٍ وحَرَّةٍ وسِباخ، فإياك أن تُسبَق إليه.

قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال، فخرجتُ سريعًا حتى قدمتُ مكة، فقلت: هل كان من حَدَثٍ؟ قالوا: نعم، محمد بن عبد الله الأمين تنبَّأ، وقد تَبعه ابنُ أبي قحافة.

قال: فخرجتُ حتى دخلتُ على أبي بكر، فقلت: أتبعتَ هذا الرجل؟ قال: نعم، فانطلِقْ إليه، فادخُل عليه فاتَّبِعْه، فإنه يدعو إلى الحق، فأخبره طلحة بما قال الرّاهب، فخرج أبو بكر وطلحة، فدخل به على رسول الله ، فأسلم طلحةُ، وأخبر رسول الله بما قال الراهب، فسُرَّ النبي بذلك.

فلما أسلم طلحة وأبو بكر أخذهما نَوفل بن خُوَيلد بن العَدَوية، فشَدَّهما في حَبلٍ واحدٍ، ولم يَمنعهما بنو تَيم، وكان نوفل بن خُويلد يُدْعى أسدَ قريش، فلذلك سُمّي أبو بكر وطلحة القَرينَين (١).

قلت: [وغير] ابن سعد يقول: الذي (٢) أوثقهما عثمان بن عُبيد الله أخو طلحة. قال: وكان لطلحة أخوان: عثمان ومالك، وكان لعثمان قَدْرٌ في الجاهلية، وأدرك الإسلام، وقد أشرنا إلى هذا فيما تقدَّم.

ذكر جملة من مناقبه وأخباره:

قال علماء السِّير: طلحة من الطبقة الأولى من المهاجرين، والعشرة المبشَّرين، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام من المؤمنين، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفّي رسول الله وهو عنهم راضٍ، وأحد الذين كانوا مع رسول الله لما تحرَّك بهم الجبل، وأحد الذين عُذِّبوا في الإسلام. وشهد أحدًا والمشاهدَ كلّها مع رسول الله ، ووَقاه بنفسه يوم أحد، ولم يَمنعه من شهود بدر إلا أن رسول الله بعثه هو وسعيد بن زيد إلى بدر يَتحسّسان الخبر خبرَ العير، فمرَّت بهما، وبلغ رسول الله الخبر، فرجعا إلى المدينة، ولم يَعلما بخروجه، ثم لَقياه عند رجوعه من بدر، فضرب لهما بسهمَيهما وأجرَيهما، فكانا


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٦ - ١٩٧، ٢٠٠ - ٢٠١.
(٢) في (خ): قلت وابن سعد هو الذي أوثقهما؟! وانظر المعارف ٢٢٩، وأنساب الأشراف ٨/ ٢١٤، ٢٢٧، وتاريخ دمشق ٨/ ٥٤٤.