وقال الواقدي: ولما هاجر طلحة إلى المدينة نزل على أسعد بن زُرارة.
واختلفوا فيمن آخى رسول الله ﷺ بينه وبين طلحة على قولين؛ أحدهما: بينه وبين سعيد بن زيد بن عَمرو بن نُفيل، والثاني: بينه وبين أُبيّ بن كعب. حكاهما ابن سعد، عن الواقدي.
قال: وشهد طلحة مع رسول الله ﷺ أحدًا، وثَبت معه يومئذ حين ولَّى الناس، وبايعه على الموت، ورمى مالك بن زهير يوم أحدٍ رسولَ الله ﷺ، فاتّقى طلحة بيده عن وجه رسول الله ﷺ، فأصاب خِنصره فشَلَّت، فقال حين أصابته الرَّميةُ: حَسِّ، فقال رسول الله ﷺ:"لو قال بسم الله لدخل الجنةَ والناسُ يَنظرون".
وفي رواية ابن سعد، عن الشعبي قال: أُصيب أنفُ النبي ﷺ ورَباعيتُه يوم أحد، فوقاه طلحة بيده، فشَلّت إصْبَعُه، وقيل: إصبعاه.
وقال ابن سعد بإسناده عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة وأم إسحاق ابنتَي طلحة، قالتا: جُرح أبونا يوم أحد أربعًا وعشرين جراحة، وقع منها في رأسه شَجَّةٌ مُربَّعة، وقُطع نَساه، يعني عِرق النَّسَا، وشَلَّت إصبَعُه، وغلبه الغَشيُ ورسول الله ﷺ مَشجوج في وَجهه، قد علاه الغَشيُ، وطلحة مُحتَمِلُه يَرجع القَهقرى، كلما أدركه أحدٌ من المشركين قاتل دونه، حتى أسنده إلى الشِّعب.
وقال ابن سعد بإسناده عن عيسى بن طلحة، قال: رجع طلحةُ يومئذٍ بخمسٍ وسبعين، أو سبع وثلاثين جِراحة، رُبِّع فيها جَبينُه، وقُطع فيها نَساه، وشَلَّت إصبَعُه التي تلي الإبهام (١).
وقال أبو نعيم بإسناده، عن عيسى بن طلحة، عن عائشة أمّ المؤمنين قالت: كان أبو بكر إذا ذكر يوم أُحدٍ قال: ذلك يومٌ كلُّه لطلحة.
قال أبو بكر: كنتُ أولَ من جاء يوم أحد، فقال لي رسول الله ﷺ ولأبي عبيدة بن الجراح: عليكما، يريد طلحة، وقد نزف، فأصلحنا من شأن النبي ﷺ، ثم أتَينا طلحة
(١) الأخبار السالفة في طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٨ - ١٩٩.