للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام: قال سلمة بن إبراهيم لطلحة الطلحات (١): ما رأينا ألأم من قومك، يأتونك إذا أيسرتَ، ويَقطعونك إذا أملَقْتَ. فقال: هم أكرم قوم، يأتوننا وبنا قُوَّةٌ على بِرِّهم، والقيام بحقوقهم، ويتأخَّرون عنا حين نَضعُف عن ذلك.

قال: وكان طلحة مُمَدَّحًا، مدحه فُحول الشُّعراء، دخل عليه كُثيّر عَزّة وهو مريض، فأنشده [من الكامل]

يا ابن الذَّوائِب من خُزاعةَ والذي … لَبِس المكارمَ وارتَدى بنِجادِ

حَلَّتْ بساحتك الوفودُ من الوَرى … فكأنما كانوا على مِيعادِ

لتَعودَ سيِّدَها وسيِّدَ غيرها … ليت التَّشكِّي كان بالعُوَّادِ

فأعطاه حتى حَيَّرَه.

وقال الواقدي: وَرَد عليه كتابٌ من الحجاز؛ من عَجوزٍ تَستَميحُه، وفيه: [من الرجز]

يا أيها المايح دَلْوي دُونكا

إني رأيتُ النّاسَ يَحْمَدونكا

يُثنون خَيرًا ويُمَجِّدونكا

فقال طلحة: قاتل الله العجوز، تَطلبُ جُبْنَ خُراسان وهي بالحجاز، ثم عَمَد إلى جُبْنَتَين مَملوءتين قطنًا، فأخرج القُطْنَ منها، وجعل مَوضعَه دَنانير، وكتب إليها:

إنّا مَلأناها تَفيضُ فَيضا

فلن تخافي ما حييتُ غَيضا

ففتقت الجُبْنَة فتناثرت الدَّنانير.

وقولها: يا أيها المايحُ دَلْوي دُونكا، قد فرَّقت العرب بين المايح والماتِح، فجعلت النُّقطتَين اللتين من تحت لمن هو في أسفل البئر، والنقطتين اللتين من فوق لمن هو في


(١) كذا، وفي تاريخ دمشق ٨/ ٥٢٧ (مخطوط): سلمة بن إبراهيم بن جحش قال: قال أبي: بلغني أن امرأة طلحة الطلحات قالت …