للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن أنت؟ قال: محمد بن طلحة، فقالت: يا بُنيّ، كن خير بني آدم.

وكان هوى محمد مع علي ، واجتمع عليه جماعة فحمل عليهم وهو يقول: "حم لا ينصرون"، فقتلوه.

وادَّعى قتلَه جماعة: المُكَعْبِر الأَسَديّ، والأشتر النَّخَعي، وشُريح بن أوفى، والمشهور، أن المُكَعْبِر قتله (١).

وقد ذكره ابن سعد فقال: قاتل محمد بن طلحة يوم الجمل قتالًا شديدًا، وعُقِر الجمل، فتقدّم محمد فأخذ بخِطامه وعائشة عليه، فقال لها: ما ترين يا أُمَّه؟ قالت: أرى أن تكون خير بني آدم، فلم يزل كافًّا، فأقبل عبد الله بن مُكَعْبِر -رجلٌ من بني عبد الله بن غطفان حليف بني أسَد- فقال له محمد: أُذكرك "حَمَ"، فطعنه فقتله.

قال الواقدي: مرَّ علي على القتلى، ومعه الحسن بن علي وعمار وصَعصعة بن صُوحان والأشتر ومحمد بن أبي بكر، وبأيديهم النيران يطوفون على القتلى، فمرّ عليّ بمحمد بن طلحة وهو قتيل فقال: السَجَّاد وربِّ الكعبة، فردَّ رأسه إلى جسده، وبكى واسترجع وقال: والله هذا قريعُ قريش، والله ما علمتُه إلا صالحًا عابدًا زاهدًا، والله ما صرعه هذا المصرع إلَّا برُّه بأبيه فإنه كان مطيعًا له، ثم جعل يبكي ويحزن عليه، فقال له الحسن: يا أبتِ، قد كُنْتُ أنهاك عن هذا المسير فغلبك على رأيك فلان وفلان، فقال: قد كان ذلك يا بُنيّ، ولَوَدِدتُ أنّي متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

وقد روى ابن سعد بمعناه، فقال الحسن لعلي: ما كان أغناك عن هذا؟ فقال علي: ما لي ولك يا بني أو يا حسن، ثم قال: ودَّ أبوك أنَّه مات قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

وقال ابن سعد: قال طلحة يوم الجمل: إنّا داهَنّا في أمر عثمان، فلنَبذُلَنّ دماءنا وأولادنا فيه (٢).

قال هشام: الَّذي قتل محمدًا عبد الله بن مُكَعْبِر حليف بني أسد، ولما حمل عليه قال له محمد: أنشدك الله والرَّحم، فطعنه فقتله.


(١) انظر الطبري ٤/ ٥٢٦، وطبقات ابن سعد ٧/ ٥٨.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٠٤.